رواه أحمد (٦/ ٣٤٧)، والبخاريُّ (٥٢٢٤)، ومسلم (٢١٨٢)(٣٤).
ــ
يا رسول الله! ) حين أخبره أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى قصرًا من قصور الجنَّة فيه امرأة من نساء الجنة فقال:(لمن أنت؟ ) فقالت: لعمر بن الخطاب. قال - صلى الله عليه وسلم -: (فذكرت غيرتك)(١) فتوقع النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريك الغيرة بحكم الجبلَّة، وإن لم يغر لأجله.
وقول الزبير:(والله! لحملك النوى على رأسك أشدُّ علي من ركوبك معه) هذا يدلّ على أن الزبير لم يكلفها شيئًا من ذلك، وإنما فعلت هي ذلك لحاجتها إلى ذلك، وتخفيفًا عن زوجها؛ على عادة أهل الدين والفضل الذين لا التفات عندهم لشيء من زينة الدنيا، ولا من أحوال أهلها، فإنَّهم كانوا لا يعيبون على أنفسهم إلا ما عابه الشرع، فكانوا أبعد الناس منه، وأخرج هذا القول من الزبير فرط الاستحياء المجبول عليه أهل الفضل. ويعني بذلك: أن الحياء الذي لحقه من تبذلها بحمل النوى على رأسها أشدُّ عليه من الغيرة التي كانت تلحقه عليها لو ركبت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإنَّه - صلى الله عليه وسلم - ليس ممن يغار على الحريم لأجله. والله تعالى أعلم.
وقولها:(حتى أرسل إلي أبو بكر - رضي الله عنه - بعد ذلك بخادم، فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقتني) دليلٌ على مكارم أخلاق القوم، فإنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - علم ما كانت عليه ابنته من الضرر والمشقة، ولم يطالب صهره بشيء من ذلك، وكان مترقبًا لإزالة ذلك، فلما تمكَّن منه أزاله مِن عنده.
(١) رواه أحمد (٣/ ٣٠٩)، والبخاري (٥٢٢٦)، ومسلم (٢٣٩٤).