للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٠٩٣] وعنها قَالَت: كُنتُ أَخدُمُ الزُّبَيرَ خِدمَةَ البَيتِ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ، وَكُنتُ أَسُوسُهُ، فَلَم يَكُن مِن الخِدمَةِ شَيءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِن سِيَاسَةِ الفَرَسِ، كُنتُ أَحتَشُّ لَهُ، وَأَقُومُ عَلَيهِ وَأَسُوسُهُ، قَالَت: ثُمَّ إِنَّهَا أَصَابَت خَادِمًا، جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ سَبيٌ فَأَعطَاهَا خَادِمًا، قَالَت: كَفَتنِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ،

ــ

و(الخادم) يقال على الذكر والأنثى. و (أعتقتني) روي بتاء بعد القاف، ويكون فيه ضمير يعود على الخادمة. وبغير تاء، وضميره يعود إلى أبي بكر - رضي الله عنه -. وصحَّ ذلك لأنها لما استراحت من خدمة الفرس، والقيام عليه بسبب الجارية التي بعث بها إليها أبو بكر صحَّ أن ينسب العتق لكل واحد منهما.

و(قولها: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سبي فأعطاها خادمًا) هذه الرواية مخالفة لقولها في الرواية المتقدِّمة: إن أبا بكر - رضي الله عنه - أرسلها إليها. وهذا لا بُعد فيه؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دفعها لأبي بكر ليدفعها لها، فأرسل بها أبو بكر لها.

واستئذان الفقير لأم عبد الله - وهي أسماء ابنة أبي بكر - في أن يبيع في ظلِّ دارها يدلُّ على أن المتقرَّر المعلوم من الشرع أن فناء الدار ليس لغير ربِّها القعود فيه للبيع إلا بإذنه، فإذا أذن جاز ما لم يضر بغيره؛ من تضييق طريق، أو اطلاع على عورة منزل غيره. ولربِّ الدار أن يمنعه؛ لأنَّ الأفنية حق لأرباب المنازل؛ لأنَّ عمر - رضي الله عنه - قضى في الأفنية لأرباب الدور. قال ابن حبيب: وتفسير هذا يعني: بالانتفاع للمجالس، والمرابط، والمصاطب، وجلوس الباعة فيها للبياعات الخفيفة، وليس بأن ينحاز بالبنيان والتحظير.

قلت: وعلى هذا فليس لربِّ الدار التصرف في فنائها ببناء دكان (١)، أو غيره مما يثبت ويدوم؛ لأنَّه من المنافع المشتركة بينه وبين الناس؛ إذ للناس فيه حق العبور، والوقوف، والاستراحة، والاستظلال، وما أشبه هذه الأمور. لكنه


(١) في (ز) و (م ٢) و (م ٣) و (ع): ثانٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>