للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَلقَت عَنِّي مَئُونَتَهُ. فَجَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أُمَّ عَبدِ اللَّهِ! إِنِّي رَجُلٌ فَقِيرٌ، أَرَدتُ أَن أَبِيعَ فِي ظِلِّ دَارِكِ، قَالَت: إِنِّي إِن رَخَّصتُ لَكَ أَبَى ذَاكَ الزُّبَيرُ، فَتَعَالَ فَاطلُب إِلَيَّ، وَالزُّبَيرُ شَاهِدٌ، فَجَاءَ فَقَالَ: يَا أُمَّ عَبدِ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ فَقِيرٌ، أَرَدتُ أَن أَبِيعَ فِي ظِلِّ دَارِكِ، فَقَالَت: مَا لَكَ بِالمَدِينَةِ إِلَّا دَارِي؟ فَقَالَ لَهَا

ــ

أخصُّ به فيجوز له من ذلك ما لا يجوز لغيره من مرافقه الخاصة به كبناء مصطبة لجلوسه، ومربط فرسه، وحطّ أحماله، وكنس مرحاضه، وتراب بيته، وغير ذلك مما يكون من ضروراته. وعلى هذا فلا يفعل فيها ما لا يكون من ضرورات حاجاته كبناء دكان للباعة، أو تحظيره عن الناس، أو إجارته لمن يبيع فيه؛ لأنَّ ذلك كله منع الناس من منافعهم التي لهم فيه، وليس كذلك الإذن في البيع الخفيف بغير أجرة؛ لأنَّ ذلك من باب الرفق بالمحتاج، والفقير. وأصل الطرق، والأفنية للمرافق، ولو جاز أن يحاز الفناء ببناء ونحوه؛ للزم أن يكون لذلك البناء فناء، ويتسلسل إلى أن تذهب الطرق، وترتفع المرافق.

وتوقف أسماء رضي الله عنها في الإذن للفقير إلى أن يأذن الزبير إنما كان مخافة غيرة الزبير، أو يكون في ذلك شيء يتأذى به الزبير، وحسن أدب، وكرم خلق حتى لا تتصرَّف في شيء من مالها إلا بإذن زوجها. وأمرها للفقير بأن يسألها ذلك بحضرة الزبير لتستخرج بذلك ما عند الزبير من كرم الخلق، والرغبة في فعل الخير، وليشاركها في الأجر، وذلك كله منها حسن سياسة، وجميل ملاطفة تدلُّ على انشراح الصدور، وصدق الرغبة في الخير.

وبيعها للجارية بغير إذن الزبير يدلّ على أن للمرأة التصرُّف في مالها بالبيع والابتياع من غير إذنه، وليس له منعها من ذلك إذا لم يضرُّه ذلك في خروجها، ومشافهتها للرجال بالبيع والابتياع، فله منعها مما يؤدي إلى ذلك.

وسؤاله لها أن تهبه ثمن الجارية دليل على أن الزوج ليس له أن يتحكم عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>