الأحرارِ: فيجبُ عليهم رفعُ أيديهم عنهم؛ لأنَّ الحُرَّ لا يُملَكُ. وأما مَن أسلم مِن أهل الذمَّة: فلا يُسقِطُ الإسلامُ عنه حقًّا وجب عليه لأحدٍ مِن مالٍ أو دمٍ أو غيرهما؛ لأنَّ أحكام الإسلامِ جاريةٌ عليهم. واستيفاءُ الفروعِ في كتب الفقه. وأما الهجرةُ، والحَجُّ: فلا خلافَ في أنهما لا يُسقِطان إلا الذنوبَ والآثامَ السابقة، وهل يُسقِطان الكبائرَ والصغائر، أو الصغائرَ فقط؟ موضعُ نظرٍ سيأتي في كتاب الطهارة، إن شاء الله تعالى.
و(قوله: فَإِذَا مُتُّ، فَلَا تَصحَبنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ) إنَّما وصَّى باجتنابِ هذَين الأمرَين؛ لأنَّهما مِن عَمَلِ الجاهليَّة، ولِنَهيِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك.
و(قوله: فَإِذَا دَفَنتُمُونِي، فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا) رُوِيَ هذا الحديث بالسِّين المهملة، والمعجمة، فقيل: هما بمعنًى واحدٍ، وهو الصَّبُّ، وقيل: هو بالمهملة: الصَّبُّ في سهولة، وبالمعجمةِ: صَبٌّ في تفريق. وهذه سُنَّةٌ في التراب على الميِّت في القبر؛ قاله عِيَاضٌ، وقد كره مالكٌ في العُتبِيَّةِ (١) الترصيصَ على القَبرِ بالحجارة والطُّوب.
و(قوله: ثُمَّ أَقِيمُوا حَولَ قَبرِي قَدرَ مَا تُنحَرُ جَزُورٌ وَيُقسَمُ لَحمُهَا) الجَزُورُ بفتح الجيم: من الإبل، والجَزَرَةُ: من غيرها، وفي كتاب العين: الجَزَرَةُ من الضَّأنِ والمَعز خاصَّةً، وهي مأخوذةٌ من الجَزرِ، وهو القَطع.
(١) "العتبية": مسائل في مذهب الإمام مالك، منسوبة إلى مصنِّفها محمد بن أحمد العتبي القرطبي، توفي سنة (٢٥٤ هـ).