للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آتِيَ، فَجِئنَاهَا، وَقَد سَبَقَنَا إِلَيهَا رَجُلَانِ، وَالعَينُ مِثلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيءٍ مِن مَاءٍ، قَالَ: فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: هَل مَسَستُمَا مِن مَائِهَا شَيئًا؟ قَالَا: نَعَم، فَسَبَّهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَن يَقُولَ، قَالَ ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيدِيهِم مِن العَينِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى اجتَمَعَ فِي شَيءٍ، قَالَ: وَغَسَلَ

ــ

ليظهر انفراده بالمعجزة، وتتحقق نسبتها إليه، واختصاصه بها، فإنَّه إذا شاركه غيره في مسِّ مائها، لم يتمحض اختصاصه بها، ولذلك لما وجد الرجلين عليها، أمر أن يغرف له من مائها، وكأنه كان أراد أن يباشر الماء وهو في موضعه، لكن لما سبقه غيره إليها، جمعوا له من مائها، فغسل فيه يديه ووجهه، ثم أمر أن يعاد ذلك الماء فيها، فلما فعلوا ذلك جاءت العين بماء منهمر، وسمع له حس كحس الصواعق.

و(قوله: والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء) الرواية المشهورة (١): تبضُّ بالضاد المعجمة، أي: تسيل بماء قليل رقيق مثل شراك النعل، وقد روي بالصاد المهملة، وكذلك وقع في البخاري، أي: تبرق. يقال: بصَّ يبصُّ بصيصًا، ووبص يبص وبيصًا بمعناه. وسبُّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ السابقين للماء يحتمل أن يكون: لأنهما كانا منافقين قصدا المخالفة، فصادف السبُّ محلَّه. ويحتمل أن كانا غير منافقين، ولم يعلما بنهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويكون سبَّه لهما لم يصادف محلًا، فيكون ذلك لهما رحمة وزكاة، كما قاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: اللهم من لعنته، أو سببته وليس لذلك بأهل، فاجعل ذلك له زكاة، ورحمة، وقربة تقرِّبه بها إليك يوم القيامة (٢).

والمنهمر: الكثير الانصباب، ويوشك: يجيء ويسرع. وقد تقدم الكلام عليها، والجنان: البستان من النخل وغيره، سمي بذلك لأنه يجن أرضه وما تحته، أي: يستر ذلك.


(١) في (م ٢): الصحيحة.
(٢) رواه مسلم (٢٦٠١) (٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>