للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِيهِ يَدَيهِ وَوَجهَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَ، فَجَرَت العَينُ بِمَاءٍ مُنهَمِرٍ - أَو قَالَ غَزِيرٍ - حَتَّى استَقَى النَّاسُ، ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِن طَالَت بِكَ حَيَاةٌ أَن تَرَى مَا هَاهُنَا قَد مُلِئَ جِنَانًا.

رواه أحمد (٥/ ٢٣٧ - ٢٣٨)، ومسلم (٧٠٦) في الفضائل (١٠)، وأبو داود (١٢٠٦)، والترمذيُّ (٥٥٣)، والنسائيُّ (١/ ٢٨٥)، وابن ماجه (١٠٧٥).

[٢١٩٨] وعَن أَبِي حُمَيدٍ قَالَ: خَرَجنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ غَزوَةَ تَبُوكَ، فَأَتَينَا وَادِيَ القُرَى عَلَى حَدِيقَةٍ لِامرَأَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: اخرُصُوهَا، فَخَرَصنَاهَا، وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوسُقٍ، وَقَالَ:

ــ

وقد اشتمل هذا الحديث على معجزتين عظيمتين، إحداهما: نبع الماء المذكور. والثانية: تعريفه بكثير من علم الغيب، فإنَّ تبوك من ذلك الوقت سكنت لأجل ذلك الماء، وغرست بساتين، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

و(قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه حين مرَّ على حديقة المرأة: اخرصوها) دليلٌ على جواز الخرص إذا احتيج إليه، وأنه طريق معتبر شرعًا. وخروج ثمرة هذه الحديقة على مقدار ما خرصه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دليل على صحة حدسه، وقوة إدراكه، وإصابته وجه الصواب فيما كان يحاوله، ولا يعارض هذا بحديث إبار النخل، فإنَّ الله تعالى قد أجرى عادة ثابتة متكررة في إبار النخل لم يعلمها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: ما أرى هذا يغني شيئًا) يعني الإبار، وصدق، فإنَّ الله تعالى هو الذي يمسك الثمرة ويطيبها إذا شاء، لا الإبار، ولا غيره، بخلاف الوصول إلى المقادير بالخرص، فإنَّ الغالب فيه من الممارسين له التقريب لا التحقيق. وقد أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمقدار ذلك على التحقيق، فوجد كما أخبر، فإنَّ كان هذا منه عن حدس وتخمين، كان دليلًا على أنه قد خصَّ من ذلك بشيء لم يصل إليه غيره، وإن كان ذلك بالوحي، كان ذلك من شواهد نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>