للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (٤/ ٤ - ٥)، والبخاريُّ (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧)، وأبو داود (٣٦٣٧)، والترمذيُّ (١٣٦٣)، والنسائي (٨/ ٢٤٥)، وابن ماجه (١٥ و ٢٤٨٠).

ــ

وقيل: نزلت في رجلين تحاكما إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحكم على أحدهما فقال له (١): ارفعني إلى عمر بن الخطاب، وقيل: إلى أبي بكر، وقيل: حكم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليهودي على منافق، فلم يرض المنافق، وأتيا عمر بن الخطاب فأخبراه، فقال: أمهلاني حتى أدخل بيتي، فدخل بيته فأخرج السيف، فقتل المنافق، وجاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: إنه ردَّ حكمك، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: فرَّقت بين الحق والباطل (٢). وقال مجاهد نحوه، غير أنه قال: إن المنافق طلب أن يردَّ إلى حكم الكاهن، ولم يذكر قضية قتل عمر بن الخطاب المنافق، وقال الطبري: لا ينكر أن تكون الآية نزلت في الجميع، والله تعالى أعلم.

وفي هذا الحديث أبواب من الفقه، فمنها: الاكتفاء من الخصوم بما يفهم عنه مقصودهم، وألا يكلَّفوا النص على الدعاوي، ولا تحديد المدعى فيه، ولا حصره بجميع صفاته، كما قد تنطَّع في ذلك قضاة الشافعية.

ومنها: إرشاد الحاكم إلى الإصلاح بين الخصوم، فإنَّ اصطلحوا، وإلا استوفي لذي الحق حقه، وبتَّ الحكم.

ومنها: أن الأولى بالماء الجاري: الأول فالأول حتى يستوفي حاجته. وهذا ما لم يكن أصله ملكًا للأسفل مختصًا به، فليس للأعلى أن يشرب منه شيئًا، وإن كان يمرُّ عليه.

ومنها: عن جفاء الخصوم ما لم يؤد إلى هتك حرمة الشرع، والاستهانة بالأحكام، فإنَّ كان ذلك فالأدب، وهذا الذي صدر من خصم


(١) ورد في (ز) و (م ٣): (له الآخر) ولا نرى مبررًا لوجود كلمة (الآخر) لأنَّ المعترض هو الذي حكم عليه، وليس الآخر.
(٢) رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه، كما في (الدر المنثور ٢/ ٥٨٥)، وذكر السيوطي رواية أخرى رواها الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول".

<<  <  ج: ص:  >  >>