{بَل فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هَذَا فَاسأَلُوهُم إِن كَانُوا يَنطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِم} أي: رجع بعضهم إلى بعض رجوع المنقطع عن حجَّة المتفطِّن لحجَّة خصمه: {فَقَالُوا إِنَّكُم أَنتُمُ الظَّالِمُونَ} أي: بعبادة من لا ينطق بلفظة، ولا يملك لنفسه لحظة، فكيف ينفع عابديه، ويدفع عنهم البأس من لا يردُّ عن رأسه الفأس:{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِم} أي: عادوا إلى جهلهم وعنادهم، فقالوا:{لَقَد عَلِمتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ} فقال قاطعًا لما به يهذون، ومفحمًا لهم فيما يتقولون:{أَفَتَعبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُم شَيئًا وَلا يَضُرُّكُم * أُفٍّ لَكُم وَلِمَا تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعقِلُونَ}
و(قوله: ذات الله) يعني به: وجود الله المنزه عن صفات المخلوقات، والمقدَّس عن ذوات المحدثات، وفيه دليل على جواز إطلاق لفظ الذات على وجود الله تعالى، فلا يُلتفت لإنكار من أنكر إطلاقه على المتكلمين.
و(قوله: وواحدة في شأن سارة) هذه الواحدة هي من إبراهيم ـ عليه السلام ـ مدافعة عن حكم الله تعالى الذي هو: تحريم سارة على الجبَّار، والثنتان المتقدِّمتان مدافعة عن وجود الله تعالى، فافترقا، فلذلك فرَّق في الإخبار بين النوعين.
و(قوله: إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك) قيل: إن ذلك الجبَّار كانت سيرته: أنه لا يغلبُ الأخ على أخته، ولا يظلمه فيها، وكان يغلب الزوج على زوجته، وعلى هذا يدلّ مساق (١) هذا الحديث، وإلا فما الذي فرَّق بينهما في حق جبَّار ظالم؟