للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ مُوسَى عليه السلام: أَي رَبِّ! كَيفَ لِي بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احمِل حُوتًا - في رواية: مالحا - فِي مِكتَلٍ، فَحَيثُ تَفقِدُ الحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ، فَانطَلَقَ وَانطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ - وَهُوَ يُوشَعُ بنُ نُونٍ - فَحَمَلَ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَام حُوتًا فِي مِكتَلٍ وَانطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يَمشِيَانِ، حَتَّى أَتَيَا الصَّخرَةَ فَرَقَدَ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ وَفَتَاهُ، فَاضطَرَبَ الحُوتُ فِي المِكتَلِ حَتَّى خَرَجَ مِن المِكتَلِ،

ــ

من قيل فيه: إنه أعلم، فعزم فسأل سؤال الذَّليل: كيف السبيل؟ فأمر بالارتحال على كل حال، وقيل له: احمل معك حوتًا مالِحًا في مِكتل، وهو الزنبيل. فحيث يحيا وتفقده فثمَّ السبيل، فانطلق مع فتاه لما واتاه، مجتهدًا طلبًا قائلًا: {لا أَبرَحُ حَتَّى أَبلُغَ مَجمَعَ البَحرَينِ أَو أَمضِيَ حُقُبًا} والحُقُب: بضم الحاء والقاف: الدهر، والجمع أحقاب، وبضم الحاء وسكون القاف، ثمانون سنة، ويقال أكثر من ذلك، والجمع حقاب، والحقبة بكسر الحاء، واحدة الحقب، وهي: السنون. من الصحاح.

وفيه من الفقه: رحلة العالم في طلب الازدياد من العلم، والاستعانة على ذلك بالخادم، والصَّاحب، واغتنام لقاء الفضلاء، والعلماء، وإن بَعُدَت أقطارهم، وذلك كان دأب السَّلف الصالح، وبسبب ذلك وصل المرتحلون إلى الحظ الراجح، وحصلوا على السعي الناجح، فرسخت في العلوم لهم أقدام، وصحَّ لهم من الذكر والأجر أفضل الأقسام. ثم إن موسى أزعجه القلق، فانطلق مغمورًا بما عنده من الشوق والحرق، يمشي مع فتاه على الشط، ولا يبالي بمن حطَّ، لا يجد نصبًا، ولا يخطئ سببًا. إلى أن أويا إلى الصخرة فناما في ظِلِّها. قال بعض المفسرين: وكانت على مجمع البحرين، وعندها ماء الحياة - حكى معناها الترمذي عن سفيان بن عيينة - فانتضح منه على الحوت فحيي واضطرب، فخرج من المكتل يضطرب حتى سقط في الماء، فأمسك الله جرية الماء عن موضع دخوله حتى كان مثل الطاق، وهو النَّقب الذي يدخل منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>