للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قَومٌ حَمَلُونَا بِغَيرِ نَولٍ عَمَدتَ إِلَى سَفِينَتِهِم فَخَرَقتَهَا لِتُغرِقَ أَهلَهَا لَقَد جِئتَ شَيئًا إِمرًا، قَالَ: {قَالَ أَلَم أَقُل إِنَّكَ لَن تَستَطِيعَ مَعِيَ صَبرًا * قَالَ لا تُؤَاخِذنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرهِقنِي مِن أَمرِي عُسرًا} ثُمَّ خَرَجَا مِن السَّفِينَةِ، فَبَينَمَا هُمَا يَمشِيَانِ

ــ

وقوله: {لِتُغرِقَ أَهلَهَا}، قرأه حمزة والكسائي بالمثناة تحت مفتوحة. وأصلُها بالرفع على أنه فاعل يَغرَق، والباقون بمثناة فوق مضمومة. أهلَها: بالنصب، فعلى الأول تكون اللام للمآل، كما قال تعالى: {فَالتَقَطَهُ آلُ فِرعَونَ لِيَكُونَ لَهُم عَدُوًّا وَحَزَنًا} وعليها: فلم يَنسب له أنه أراد الإغراق، وعلى القراءة الثانية: تكون اللام: لام كي، ويكون نَسبَ إليه: أنه قصد بفعله ذلك إغراقهم، وحملَه على ذلك فرطُ الشفقة عليهم، ولأنهم قد أحسنوا فلا يُقابلون بالإساءة، ولم يقل: لتغرقني، لأن الذي غلبت عليه في الحال: فَرطُ الشفقة عليهم، ومراعاة حقهم.

وقوله: {لَقَد جِئتَ شَيئًا إِمرًا}، أي: ضعيف الحجة، يُقال: رجل إمرٌ: أي: ضعيف الرأي ذاهبُه، يحتاج إلى أن يُؤمر، قال معناه أبو عبيد. مجاهد: منكرًا. مقاتل: عجبًا. الأخفش: يُقال أَمِرَ أَمرُهُ، يأمر أمرًا، أي: اشتد، والاسم: الإمرُ. قال الراجز:

قَد لَقِيَ الأقرَانُ مِنِّي نُكرًا ... داهِيَةَ دَهيَاءَ إِدًّا إِمرا

وفيه من الفقه: العمل بالمصالح، إذا تحقق وجهها، وجواز إصلاح كل المال بفساد بعضه.

وقوله: {لا تُؤَاخِذنِي بِمَا نَسِيتُ}، أي: من عهدك، فتكون ما مع الفعل بتأويل المصدر، أي: سهوي وغفلتي. وصدقَ، ولذلك قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: كانت الأولى من موسى نسيانًا.

وقوله: {وَلا تُرهِقنِي مِن أَمرِي عُسرًا}، أي: لا تفندني فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>