للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجهِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُفَضِّلُوا بَينَ أَنبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصعَقُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: ثُمَّ يُنفَخُ فِيهِ أُخرَى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَن يبعثَ - أَو: فِي أَوَّلِ مَن يبعثَ -

ــ

بأدبه، وعملًا باعتقاد ما تضمنه القرآن من التفضيل، ورفعا لما يتوهم من المعارضة بين السُّنَّة والتنزيل.

و(قوله: إنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) أصل الصعق، والصعقة: الصوت الشديد المنكر، كصوت الرعد، وصوت الحمار، وقد يكون معه موت لشدَّته. وهو المراد بقوله: {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرضِ} وقد تكون معه غشية، وهو المراد بقوله تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} فإنَّ كان معه نار فهو الصاعقة، والعرب كلها تقدم العين على القاف إلا بني تميم، فإنَّهم يقدمون القاف على العين، فيقولون: الصاقعة، حكاها القاضي عياض.

وقد اختلف في المستثنى: من هو؟ فقيل: الملائكة، وقيل: الأنبياء، وقيل: الشهداء. والصحيح: أنه لم يرد في تعيينهم خبر صحيح، والكل محتمل، والله أعلم.

والصُّور قيل: إنه جمع صورة، والصحيح ما قد صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: الصُّور قرن ينفخ فيه (١). وسيأتي له مزيد بيان. واختلف في عدد النفخات، فقيل: ثلاثة: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث. وقيل: هما نفختان: نفخة الفزع هي نفخة الصعق، لأنَّ الأمرين لازمان لها. والله تعالى أعلم.

و(قوله: ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من يبعث، أو: من أول من يبعث) هذا شك من الراوي تزيله الرواية الأخرى التي قال فيها: فأكون أول من يفيق، وكذلك الحديث المتقدم الذي قال فيه: أنا أول من ينشق عنه القبر


(١) رواه أحمد (٢/ ١٢٦)، والترمذي (٣٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>