للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ: ذِكرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكرَهُ، قِيلَ: أَفَرَأَيتَ إِن كَانَ فِي

ــ

الغيبة، ولا يبعد أن يكون ذلك بعد نزول قوله تعالى: {وَلا يَغتَب بَعضُكُم بَعضًا} ففسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الغيبة المنهي عنها. ووزنها فعلة، وهي مأخوذة من الغيبة - بفتح الغين - مصدر غاب، لأنَّها ذكر الرجل في حال غيبته بما يكرهه لو سمعه. يقال من ذلك المعنى: اغتاب فلان فلانا، يغتابه اغتيابا، واسم ذلك المعنى: الغيبة، ولا شك في أنها محرمة وكبيرة من الكبائر، بالكتاب والسنة، فالكتاب: قوله تعالى: {وَلا يَغتَب بَعضُكُم بَعضًا} الآية، وأما السنة فكثيرة، من أنصها ما خرجه أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم (١)، وفي كتابه من حديث أنس عنه صلى الله عليه وسلم، قال: مررت ليلة أسري بي بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم (٢).

وإذا تقررت حقيقة الغيبة وأن أصلها على التحريم، فاعلم أنها قد تخرج عن ذلك الأصل صور، فتجوز الغيبة في بعضها، وتجب في بعضها، ويندب إليها في بعضها: فالأولى كغيبة المعلن بالفسق المعروف به، فيجوز ذكره بفسقه لا بغيره، مما يكون مشهورا به، لقوله صلى الله عليه وسلم: بئس أخو العشيرة كما يأتي، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا غيبة في فاسق (٣)، ولقوله: لي الواجد يحل عرضه وعقوبته (٤). والثاني:


(١) رواه أبو داود (٤٨٧٧).
(٢) رواه أبو داود (٤٨٧٨) بلفظ: "ليلة عُرج بي. . .".
(٣) ذكره العجلوني في كشف الخفاء (٢/ ٣٦٦) وقال في الدرر: له طرق كثيرة. قال أحمد: منكر. وقال الحاكم والدارقطني والخطيب: باطل.
(٤) رواه أحمد (٤/ ٢٢٢)، والنسائي (٧/ ٣١٦)، وابن ماجه (٢٤٢٧)، وابن حبان (٥٠٨٩) الإحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>