فلا حجة فيه على نفي الرؤية؛ إذ يقال بموجبها، فإن مقتضاها نفي كلامِ الله على غير هذه الأحوال الثلاثة، وإنما يصلح أن يستدل بها على نفي تكليم الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - مشافهةً على ضعفٍ في ذلك لا يخفى على متأمّل، بل قد استدل بعض المشايخ بهذه الآية على أن محمدا رأى ربه وكلّمه دون واسطة، فقال: هي ثلاثة أقسام. من وراء حجاب، كتكليم موسى، وبإرسال الملائكة، كحال جميع الأنبياء. ولم يبق من تقسيم المكالمة إلا كونها مع المشاهدة، وهذا أيضا فيه نظر.
و(قوله تعالى:{فَيُوحِيَ بِإِذنِهِ مَا يَشَاءُ}؛ أي: بأمره، كما قال:{مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِندَهُ إِلا بِإِذنِهِ} وفي يوحي ضمير يعود على الرسول، وفي يَشَاءُ ضمير يعود على الله تعالى، ومعناه. فيُلقي الرسول إلى الموحَى إليه ما يشاؤه الله تعالى. والعَلِيّ ذو العلو، وهو الرفعة المعنويَّة في حقّه تعالى لا المكانيّة. والحكيم المُحكِم الأمور، أو الكثير الحكمة. ومعنى مساق الآية. أنّه تعالى مُنزَّه عن أن يتَنزل كلامَهُ أسماعُ كلّ السامعين، بل يُحكِمُ الله كيفية إيصاله إلى النبيّين والمرسلين.