وقولها: ولو كان محمّد كاتمًا شيئًا لكتم هذه الآية: وَإِذ تَقُولُ لِلَّذِي أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِ وَأَنعَمتَ عَلَيهِ أَمسِك عَلَيكَ زَوجَكَ، قد اجترأ بعض المفسّرين في تفسير هذه الآية ونسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا يليق به ويستحيل عليه؛ إذ قد عصمه الله منه، ونزّهه عن مثله، فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - هَوِيَ زينب امرأة زيد، وربما أطلق بعض المُجّان لفظ عشق. ثم جاء زيد يريد تطليقها، فقال له: أمسك عليك زوجك واتَّقِ الله، وهو مع ذلك يحبُّ أن يطلقها ليتزوجها. وهذا القول إنما يصدر عن جاهل بعصمته - عليه الصلاة والسلام - عن مثل هذا، أو مستخفّ بحرمته. والذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين أن ذلك القول الشنيع ليس بصحيح، ولا يليق بذوي المروءات، فأحرى بخير البريات، وأن تلك الآية إنما تفسيرها ما حكي عن علي بن حسين: أن الله تعالى أعلم نبيه بكونها زوجةً له، فلما شكاها زيدٌ له وأراد أن يطلقها، قال له: أمسك عليك زوجَك واتَّقِ الله، وأخفى في نفسه ما أعلمه الله به مما هو مبديه بطلاق زيدٍ لها وتزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - لها. ونحوه عن الزهري والقاضي بكر بن العلاء القشيري وغيرهم.
والذي خشيه النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو إرجاف المنافقين، وأنه نَهى عن تزويج نساء الأبناء وتزوج بزوجة ابنه، ومساق الآية يدل على صحة هذا الوجه بقوله تعالى: مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِن حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ولو كان ما ذكر أولئك، لكان فيه أعظم الحرج ولقوله: لِكَي لَا يَكُونَ عَلَى المُؤمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزوَاجِ أَدعِيَائِهِم إِذَا قَضَوا مِنهُنَّ وَطَرًا وبالله التوفيق.