للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَن يَحُولُ بَينَهُ وَبَينَ التَّوبَةِ؟ انطَلِق إِلَى أَرضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعبُدُونَ اللَّهَ، فَاعبُد اللَّهَ مَعَهُم، وَلَا تَرجِع إِلَى أَرضِكَ فَإِنَّهَا أَرضُ سَوءٍ. فَانطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ ملك المَوت فَاختَصَمَت فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحمَةِ، وَمَلَائِكَةُ العَذَابِ، فَقَالَت مَلَائِكَةُ الرَّحمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقبِلًا بِقَلبِهِ

ــ

تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، فمن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عليه، فأمره إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه (١). ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة أيضًا: خمس صلوات افترضهن الله عز وجل على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا، كان له عند الله عهد أن يغفر له، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه (٢). وهذه حجج صريحة تبين فساد مذهب المكفرة بشيء من ذلك.

و(قوله: نصف الطريق) أي: بلغ نصفه، يقال: نصف الماء والشجرة وغيرهما: إذا بلغ نصف ذلك.

و(قوله: نأى بصدره) أي: نهض به مع ثقل ما أصابه من الموت، وذلك دليل على صحة توبته وصدق رغبته.

و(قوله: فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: إنه جاء تائبا مقبلا بقلبه). هذا نص صريح في أن الله تعالى أطلع ملائكة الرحمة على ما في قلبه من صحة قصده إلى التوبة وحرصه عليها، وأن ذلك خفي على ملائكة العذاب حتى قالت: إنه لم يعمل خيرا قط. ولو اطلعت على ما في قلبه من التوبة، لما صح لها أن تقول هذا، ولا تنازع ملائكة الرحمة في قولها: إنه


(١) رواه البخاري (١٨)، ومسلم (١٧٠٩)، والترمذي (١٤٣٩).
(٢) رواه أحمد (٥/ ٣١٥)، وأبو داود (٤٢٥)، وابن حبان (١٧٣١) الإحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>