للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى اللَّهِ، وَقَالَت مَلَائِكَةُ العَذَابِ: إِنَّهُ لَم يَعمَل خَيرًا قَطُّ، فَأَتَاهُم مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَينَهُم، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَينَ الأَرضَينِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدنَى إِلَى الأَرضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتهُ مَلَائِكَةُ الرَّحمَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ الحَسَنُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ المَوتُ نَأَى

ــ

جاء تائبا مقبلا بقلبه، بل شهدت بما في علمها، كما شهد الآخرون بما تحققوه. لكن شهادة ملائكة الرحمة على إثبات، وشهادة ملائكة العذاب على عدم علم، وشهادة الإثبات مقدمة. فلا جرم لما تنازع الصنفان وخرج كلاهما عن الشهادة إلى الدعاوى، بعث الله إليهما ملكا حاكما يفصل بينهما، وصوره بصورة الآدمي، إخفاء عن الملائكة وتنويها ببني آدم، وأن منهم من يصلح لأن يفصل بين الملائكة إذا تنازعوا.

و(قوله: فجعلوه بينهم) فيه حجَّة لمالك على قوله: إن المتخاصمين إذا حكما بينهما رجلا يصلح للتحكيم لزمهما ما يحكم به، وقد خالفه في ذلك الشافعي.

و(قوله: فقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له). دليل على أن الحاكم إذا تعارضت الأقوال عنده، وتعذرت الشهادات، وأمكنه أن يستدل بالقرائن على ترجيح بعض الدعاوى، نفذ الحكم بذلك، كما فعله سليمان عليه السلام حيث قال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما.

تنبيه: قال القاضي: جعل الله قُربه من القرية علامة للملك عند اختلافهم مع عدمهم معرفة حقيقة باطنه التي اطلع الله عليها، ولو تحققوا توبته لم يختلفوا ولم يحتاجوا للمقايسة.

قلت: وهذه غفلة منه عن قول ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله عز وجل. وهذا نص في أن ملائكة الرحمة علمت ما في قلبه، فلو علمت

<<  <  ج: ص:  >  >>