للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللهُ مِنَ القَضَاءِ بَينَ العِبَادِ، وَأَرَادَ أَن يُخرِجَ بِرَحمَتِهِ مَن أَرَادَ مِن أهل النَّارِ، أَمَرَ المَلائِكَةَ أَن يُخرِجُوا مِنَ النَّارِ مَن كَانَ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا مِمَّن أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَن يَرحَمَهُ، مِمَّن يَقُولُ: لا إِلهَ إِلا اللهُ، فَيَعرِفُونَهُم فِي النَّارِ، يَعرِفُونَهُم بِأَثَرِ السُّجُودِ؛ تَأكُلُ النَّارُ مِنِ ابنِ آدَمَ إِلا أَثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَن تَأكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ. فَيُخرَجُونَ مِنَ النَّارِ وقَدِ امتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيهِم مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنبُتُونَ مِنهُ كَمَا تَنبُتُ الحِبَّةُ

ــ

وروى العذري وغيره: ومنهم المخردل (١) مكان المجازى، ومعناه الذي تقطع الكلاليب لحمه، يقال: خردلت اللحم خراديل؛ أي: قطعته قطعًا، وهو بالدال المهملة. وحكى يعقوب أنه يقال بالذال المعجمة، وهو أيضًا بالخاء بواحدة من فوق، وقد قاله بعضهم بالجيم. والجردلة: الإشراف على الهلاك والسقوط فيه.

و(قوله: حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد) أي: تمم عليهم حسابهم وكمّله وفصل بينهم، لا أن الله يشغله شأن عن شأن، يعني: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وشفع كل من له شفاعة. ألا ترى قوله: وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار. واقتصاره على لا إله إلا الله، ولم يذكر معها الشهادة بالرسالة؛ إما لأنهما لما تلازمتا في النطق، اكتفى بذكر إحداهما عن الأخرى، وإما لأنه لَمّا كانت الرسل كثيرين، ويجب على كل أحد أن يعرف برسالة رسوله، كان ذكر جميعهم يستدعي تطويلاً، فسكت عن ذكرهم؛ علمًا بهم واختصارًا لذكرهم، والله أعلم.

و(قوله: قد امتَحَشوا) صوابه بفتح التاء والحاء، ومعناه: احترقوا، يقال: امتحش الخبز؛ أي: احترق، ويقال: محشته النارُ وأمحشته، والمعروف:


(١) هذه اللفظة من حديث أبي سعيد الخدري. والحديث في مسلم برقم (١٨٣) ويأتي في التلخيص برقم (١٤٨) باب رقم (٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>