للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي حَمِيلِ السَّيلِ، ثُمَّ يَفرُغُ اللهُ مِنَ القَضَاءِ بَينَ العِبَادِ، وَيَبقَى رَجُلٌ مُقبِلٌ بِوَجهِهِ عَلَى النَّارِ، وهو آخِرُ أهل الجَنَّةِ دُخُولاً الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَي رَبِّ! اصرِف وَجهِي عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَد قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَدعُو اللهَ

ــ

أمحشه. قال صاحب العين: وقد رواه بعضهم: امتُحِشوا مبنيًا لما لم يسم فاعله؛ أي: أُحرِقوا، والصواب الأول. والحُمم (١) الفحم، واحده حممة. والحِبة - بكسر الحاء -: نور العشب، والحَبة بفتحها: من الحنطة وغيرها مما يزرع.

وماء الحياة هو الذي من يشربه أو يطهر به لم يمت أبدًا. وحميل السيل ما يحمله من طين وغثاء، فإذا اتفق أن يكون فيه حبة، فإنها تنبت في يوم وليلة، وهي أسرع نابتة نباتا، فشبّه - عليه الصلاة والسلام - سُرعة نبات أجسادهم بسرعة نبات تلك الحبة، وهذا معنى ما قاله الإمام أبو عبد الله (١). وبقي عليه من التشبيه المقصود بالحديث نوع آخر دلّ عليه ما في حديث أبي سعيد، حيث قال: ألا ترونها تكون إلى الحجر ما يكون منها إلى الشمس أصيفر وأخيضر، وما يكون منها إلى الظلّ يكون أبيض، وهو تنبيه على أن ما يكون إلى الجهة التي تلي الجنة منهم يسبق إليه البياض المستحسن. وما يكون منهم إلى جهة النار، يتأخر ذلك النصوع عنه، فيبقى أصيفر وأخيضر إلى أن يتلاحق البياض ويستوي الحُسن والنور ونضارة النعمة عليهم. ويحتمل أن يشير بذلك إلى أن ما يباشر الماء، تشتدّ سرعةُ نصوعه، وأنّ ما فوق ذلك يتأخر عنه البياض، لكنه يسري إليه سريعًا، والله أعلم.

و(قوله: ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ثانيًا) يعني: يكمل خروجَ الموحدين من النار.

و(قوله: قَشَبني ريحها) أي: غيّر جلدي وصورتي وسوّدني وأحرقني، قاله الحربي. وقال الخطابي: قشبه الدخانُ، إذا (٢) ملأ خياشيمه وأخذ بكَظمه.


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (م).
(٢) في (ل): أي.

<<  <  ج: ص:  >  >>