للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي، ثُمَّ يَلقَى الثَّانِيَ، فَيَقُولُ له مثل ذلك. ويقول هو مثل ذلك بعينه، ثُمَّ يَلقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ مِثلَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ آمَنتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرسُولِكَ وَصَلَّيتُ وَصُمتُ وَتَصَدَّقتُ، وَيُثنِي بِخَيرٍ مَا استَطَاعَ، قال: فَيَقُولُ: هَاهُنَا إِذًا، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: الآنَ نَبعَثُ شَاهِدًا عَلَيكَ، فَيفكّرُ فِي نَفسِهِ مَن ذَا الَّذِي يَشهَدُ عَلَيَّ؟ فَيُختَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ: انطِقِي، فَتَنطِقُ فَخِذُهُ وَلَحمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ، فَذَلِكَ لِيُعذِرَ مِن نَفسِهِ، وَذَلِكَ المُنَافِقُ، وَذَلِكَ الَّذِي يَسخَطُ اللَّهُ عَلَيهِ.

رواه مسلم (٢٩٦٨).

ــ

و(قوله للثالث: هاهنا إذًا؟ ) يعني: أهاهنا تكذب وتقول غير الحق، وذلك أن هذا المنافق أنجاه كذبه ونفاقه في الدنيا من سفك دمه، واستباحة ماله، فاستصحب الكذب إلى الآخرة، حتى كذب بين يدي الله تعالى.

و(قوله: فيختم على فيه) أي: يمنع من الكلام المكتسب له، وينطق لسانه وسائر أركانه بكلام ضروري لا كسب له فيه، ولا قدرة على منعه، كما قال تعالى: {يَومَ تَشهَدُ عَلَيهِم أَلسِنَتُهُم وَأَيدِيهِم وَأَرجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ} فإذا شهدت عليه أركانه بعمله خُلي بينه وبين الكلام المقدور ل، فيلوم جوارحه الشاهدة عليه بقوله: ويلكن فعنكن كنت أناضل أي: أدافع وأحتج، والرواية المشهورة: إذًا التي للتعليل. وقد رواها ابن الحذاء: إذن والأول أصح وأشهر، وقد سقطت هذه اللفظة جملة عند الصدفي. واقتصر على: هاهنا. وقيل: معناها: هنا اثبت مكانك، كما تقول لمن تهدده: اثبت مكانك حتى أريك وما ذكرناه أولى وأشبه، والله تعالى أعلم.

و(قوله: ليعذر من نفسه) بضم الياء وكسر الذال المعجمة، مِن: أعذر، أي: بالغ في حجَّة نفسه. يعني أن المنافق قال ما قال من ادعاء فعل الخيرات المتقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>