للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِثلَهُ، وَلا يَغضَبُ بَعدَهُ مِثلَهُ - وَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ - نَفسِي. نَفسِي، اذهَبُوا إِلَى

ــ

التعريف والتأنيث، فيمتنع الصرف. وإنما قلنا: إن وراء مؤنثة؛ لما قال الجوهري: إنها مؤنثة لأنهم قالوا في تصغيرها: وُريِّئة. وعلى هذا: فهمزتها ليست للتأنيث، ولأن همزة التأنيث لا تقع ثالثة. وقد وجدت في بعض المعلقات بخط معتبر. قال الفراء: تقول العرب: فلان يكلمني من وراءَ وراءَ، بالنصب على الظرف، ومن وراء وراء، بجعل الأولى ظرفًا والثانية غاية. ومن وراء وراء بجعلهما غايتين. ومِن وراءِ وراء تضيف الأولى إلى الثانية وتمنع الثانية من الجر. ومن وراءِ وراءِ على البناء. وحكى ثعلب عن بعض الناس: أنهم قالوا: من وراء وراء بالتنوين فيهما (١).

و(قوله: وذكر كذباته) قد فسّرها في الرواية الأخرى، بما ليس كذبًا على التحقيق، ونحن نذكرها ونبيّنها إن شاء الله تعالى. فمنها قوله في الكوكب: هَذَا رَبِّي ذكر المفسرون أنّ ذلك كان منه في حال الطفولية في أول حال استدلاله، ثم إنه لَمّا تكامل نظره؛ وتمّ على السداد وضح له الحق، قال: وَجَّهتُ وَجهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ حَنِيفًا.

قال الشيخ - رحمه الله -: وهذا لا يليق بالأنبياء؛ لأن الله تعالى خصهم بكمال العقل والمعرفة بالله عز وجل، وسلامة الفطرة والحماية عن الجهل بالله تعالى والكفر من أول نشوئهم وإلى تناهي أمرهم، إذ لم يُسمع عن واحد منهم أنه اعتقد مع الله إلَهًا آخر، ولا اعتقد محالاً على الله تعالى، ولا ارتكب شيئًا من قبائح أممهم الذين أرسلوا إليهم، لا قبل النبوة ولا بعدها. ولو كان شيء من ذلك لقَرَّعهم بذلك أممهم لَمَّا دعوهم إلى التوحيد، ولاحتجوا عليهم بذلك، ولم ينقل شيء من ذلك. وأما بعد إرسالهم فكل (٢) ذلك محال عليهم عقلاً على ما نبينه.


(١) من قوله: (قوله: فنهس منها نهسة) إلى هنا، ساقط من (ع).
(٢) في (م): فكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>