للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٨٥٤] وعن البراء، قال: كانت الأنصار إذا حجوا فرجعوا، لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها، قال: فجاء رجل من الأنصار، فدخل من بابه، فقيل له في ذلك، فنزلت هذه الآية: {وَلَيسَ البِرُّ بِأَن تَأتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا}

رواه البخاريُّ (١٨٠٣)، ومسلم (٣٠٢٦).

ــ

والحاصل أن لأهل المعرفة بالله تعالى من الأنبياء، والأولياء حالين: حال حضور ومراقبة، فتتوجه عليهم بحسبها المناقشة والمعاتبة، وحال غيبة وبشرية، فيجرون فيها على الأمور العادية، فتارة يناقَشون، وأخرى يسامَحون، فضلا من الله ونعمة، ورفقا بهم ورحمة، وقد تقدَّم بسط هذا المعنى.

و(قوله: ولو لبثت في السجن لبث (١) يوسف) أي: لو مكثت وأقمت. يقال: لبِث يلبَث، بالكسر في الماضي والفتح في المضارع، لُبثا، بضم اللام وسكون الباء، ولباثا، وكلاهما على غير قياس؛ لأنَّ المصدر من فعِل، بالكسر، قياسه التحريك إذا لم يُعَدَّ، مثل: تعب تعبا، وقد جاء في الشعر على القياس. قال جرير:

وقد أكون على الحاجات ذا لُبَث ... وأحوذيا إذا انضم الذعاليب

فهو لابث، ولَبِثٌ أيضًا، وقرئ (لَبِثِينَ فِيهَا أَحقَابًا).

و(قوله: كانت الأنصار إذا حجوا فرجعوا، لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها) إنما كان يفعلون ذلك؛ لأنَّهم كانوا إذا أحرموا يكرهون أن يحول بينهم وبين السماء سقف إلى أن ينقضي إحرامهم، ويصلوا إلى منازلهم، فإذا دخلوا منازلهم دخلوها من ظهورها. قاله الزهري. يعتقدون أن ذلك من البر والقرب،


(١) في مسلم والتلخيص: طول لبث.

<<  <  ج: ص:  >  >>