للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية قَالَت: أُنزِلَت فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ اليَتِيمَةُ وَهُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا، ولَهَا مَالٌ وَلَيسَ لَهَا أَحَدٌ يُخَاصِمُ دُونَهَا، فَلَا يُنكِحُهَا لِمَالِهَا فَيَضُرُّ بِهَا وَيُسِيءُ صُحبَتَهَا، فَقَالَ: {وَإِن خِفتُم أَلا تُقسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ}

يَقُولُ: مَا أَحلَلتُ لَكُم، وَدَع هَذِهِ الَّتِي تَضُرُّ بِهَا.

ــ

من العدد المعدود على أقله، فجعل مثنى بمعنى اثنين واثنين، وثلاث بمعنى ثلاث وثلاث، ورباع بمعنى أربع وأربع. وهذا القائل أعور بأي عينيه شاء، فإنَّ كل ما ذكرناه يبطل دعواه، ونزيد هنا نكتة تضمنها الكلام المتقدِّم، وهي أن قصره كل صيغة على أقل ما تقتضيه بزعمه تحكم بما لا يوافقه أهل اللسان عليه، ولا يرشد معنى الاثنين إليه لأنَّ مقصود الآية إباحة نكاح اثنتين لمن أراد ونكاح ثلاث لمن أراد ونكاح أربع لمن أراد، وكل واحد من آحاد كل نوع من هذه الثلاثة لا ينحصر، فكل اثنين وثلاث وأربع لا ينحصر، فقصره على بعض أعداد ما تضمنه ذلك مخالف لمقصود الآية، فتفهم ذلك فإنَّه من لطيف الفهم، وللكلام في هذه الآية متسع، وفيما ذكرناه تنبيه ومقنع.

وبعد أن فهمت أفراد تلك الكلمات فاعلم أن العلماء اختلفوا في سبب نزول هذه الآية وفي معناها؛ فذهبت عائشة - رضي الله عنها - إلى ما ذُكر في الأصل عنها، وحاصل الروايات المذكورة عنها أنها نزلت في ولي اليتيمة التي لها مال فأراد وليها أن يتزوجها فأمر بأن يوفيها صداق أمثالها، أو يكون لها مال عنده بمشاركة أو غيرها وهو لا حاجة له لتزويجها لنفسه ويكره أن يزوجها غيره مخافة أخذ مالها من عنده، فأمر الله الأولياء بالقسط وهو العدل، بحيث إن تزوجها بذل لها مهر مثلها، وإن لم تكن له رغبة فيها زوجها من غيره وأوصلها إلى مالها على الوجه المشروع، وتكميل معنى الآية أن الله تعالى قال للأولياء: إن خفتم ألا تقوموا بالعدل فتزوجوا غيرهن ممن طاب لكم من النساء اثنتين اثنتين إن شئتم، وثلاثا ثلاثا لمن شاء، وأربعا أربعا لمن شاء - هذا قول عائشة في

<<  <  ج: ص:  >  >>