للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أكحله لما رمي. وفي البخاريّ عن ابن عبّاس أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: الشفاء في ثلاث: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كيّة بنار، وأنا أنهى أمّتي عن الكيّ (١)، وفي حديث جابر: وما أُحِبُّ أن أكتوي (٢). وعلى هذا فالمأمون من الكيّ وإن كان نافعًا - جائز، إلاّ أنّ تركه خير من فعله، وهذا معنى نهيه - صلى الله عليه وسلم - عنه، وسببه أنّه تعذيب بعذاب الله، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: لا تُعذِّبوا بعذاب الله (٣) يعني: النار. وبهذا ينفرد الكيّ ولا يُلحق به التطبُّب بغير ذلك في الكراهة، فإنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد تطبَّب وطبب، وأحال على الطبيب وأرشد إلى الطبّ بقوله: يا عبادَ الله! تداووا، فإنّ الذي أنزل الداء أنزل الدواء (٤).

وأمّا الرقي والاسترقاء، فما كان منه من رقي الجاهليّة أو بما لا يعرف، فواجب اجتنابه على سائر المسلمين، وتركه حاصل من أكثرهم، فلا يكون اجتناب ذلك هو المراد هنا، ولا اجتناب الرقي بأسماء الله تعالى وبالمرويّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لما قدّمناه من أنّه التجأ إلى الله، وتبرّك بأسمائه.

ويظهر لي - والله تعالى أعلم - أنّ المقصود: اجتناب رقي خارج عن القسمين، كالرقي بأسماء الملائكة والنبيّين والصالحين، أو بالعرش والكرسيّ والسماوات والجنّة والنار وما شاكل ذلك ممّا يعظَّم، كما قد يفعله كثير ممن يتعاطى الرقى، فهذا القسم ليس من قبيل الرقي المحظور (٥) الذي يعمّ


(١) رواه البخاري (٥٦٨٠ و ٥٦٨١) وابن ماجه (٣٥٣٨).
(٢) رواه البخاري (٥٦٨٣)، ومسلم (٢٢٠٥).
(٣) رواه أحمد (١/ ٢٨٢)، والبخاري (٣٠١٧)، وأبو داود (٤٣٥١)، والترمذي (١٤٥٨)، والنسائي (٧/ ١٠٤ و ١٠٥) من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
(٤) رواه أبو داود (٣٨٥٥)، والترمذي (٢٠٣٩) من حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه.
(٥) في (ع): المخصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>