للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٨٧]- وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: أُمِرتُ أَن أَسجُدَ عَلَى سَبعَةِ أَعظُمٍ: الجَبهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ على أَنفِهِ - وَاليَدَينِ، وَالرِّجلَينِ، وَأَطرَافِ القَدَمَينِ، وَلا نَكفِتَ الثِّيَابَ وَلا الشَّعرَ.

ــ

لأنه فهم منه أن يطلب المساواة معه في درجته، وذلك مما لا ينبغي لغيره. فلمّا قال الرجل: هو ذاك؛ قال له: أعِنِّي على نفسك بكثرة السجود؛ أي: الصلاة؛ ليزداد من القرب ورفعة الدرجات، حتى يقرب من منزلته، وإن لم يُساوِهِ فيها. ولا يعترض هذا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه حذيفة ليلة الأحزاب: ألا رجل يأتيني بخبر القوم؛ جعله الله معي يوم القيامة (١)؛ لأن هذا مثل قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِم} الآية؛ لأن هذه المَعِيَّة هي النجاة من النار، والفوز بالجنة، إلا أن أهل الجنة على مراتبهم ومنازلهم بحسب أعمالهم وأحوالهم. وقد دلّ على هذا أيضا قوله - عليه الصلاة والسلام -: المرء مع من أحب، وله ما اكتسب (٢).

وقوله: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة - وأشار بيده على أنفه -؛ هذا يدل على أن الجبهة الأصل في السجود، وأن الأنف تبع. وقد اختلف العلماء فيمن اقتصر على أحدهما دون الآخر على ثلاثة أقوال: الإجزاء، ونَفيُهُ، والتفرقة؛ فإن اقتصر على الجبهة أجزأه، وإن اقتصر على الأنف لم يُجزئِه، وهو مشهور مذهبنا. وقد سَوَّى في هذا الحديث في الأمر بكيفية السجود بين الوجه واليدين والركبتين والقدمين، فدلّ هذا الظاهر: على أن من أخَلَّ بعضو من تلك الأعضاء مع تمكُّنِه من ذلك لم يفعل المأمور به.

وقوله: ولا نكفتَ الشعر ولا الثياب: الكَفتُ: الضَّمُّ، وكذلك الكَفُّ


(١) رواه مسلم (١٧٨٨) من حديث حذيفة رضي الله عنه. وانظر: عيون الأثر (٢/ ٩٨).
(٢) رواه الترمذي (٢٣٨٦) من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>