للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه البخاري (١١٧٢)، ومسلم (٧٢٩)، وأبو داود (١٢٥٢)، والترمذي (٤٣٣ و ٤٣٤)، والنسائي (٢/ ١١٩).

ــ

خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (١)، وهذا مقتضى حديث عائشة رضي الله عنها؛ فإنها ذكرت فيه أنه صلى الله عليه وسلم صلى ذلك كله في بيته، إلا الفرائض خاصة؛ فإنه كان يصليها في المسجد، وعلى هذا فالأصل في أفضلية التطوع أن يكون في البيت، وإيقاعها في المسجد لمقتضٍ لذلك وعارضٍ؛ مثل: تشويشٍ في البيت، أو ليسر في المسجد ونشاط وما شاكل ذلك. وقد كره النوافل في المسجد النخعي وعَبِيدة، وعُلِّل ذلك لهما بالحماية للفرائض، وبأن لا يخلي بيته من الصلاة، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. وذهب بعضهم: أن كونها في المسجد أجمع، وحُكي عن مالك والثوري: أنهما ذهبا إلى كونها في المسجد نهارًا وبالليل في البيت. قلت: وكأن هذا قول بمقتضى حديث ابن عمر. وأما بعد الجمعة: فذهب مالك وأصحابه إلى أن الأفضل للإمام ألا ينتفل بأثرها في المسجد، ووسّع في ذلك للمأموم، واختار الشافعي والكوفيون الركوع بعد الجمعة ستًّا أو أربعًا. وقال الشافعي: ما كثر فهو أحب إليَّ، وسيأتي الكلام في ركعتي العصر وقبل المغرب.

قلت: والحاصل من الأحاديث استحباب الراتبة على نوافل حديث أم حبيبة - الذي ذكرناه - في البيت؛ كما في حديث عائشة، فإن هذه النوافل يجبر بها نقص إن وقع في الفرائض؛ على ما رواه الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتَقَصَ من فريضته شيء قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمَّلُ بها ما انتَقَصَ


(١) رواه البخاري (٦١١٣)، ومسلم (٧٨١)، وأبو داود (١٤٤٧)، والنسائي (٣/ ١٩٨) من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>