٤٢ - يبكيك ناء بعيد الدار مغترب ... يا للكهول وللشبّان للعجب
.. البيت من شواهد النحويين يقول: إني أبكي عليك ولست من أهلك لأنني من ديار بعيدة عن ديارك، وأنا ناء شديد البعد عن أهلي، ثم دعا الكهول والشبان ليعجبوا من هذه الحال ... والشاهد فيه: يا للكهول وللشبان، حيث جرّ الشبان بلام مكسورة، لكونه معطوفا من غير أن يعيد معه «يا» الاستغاثة، وقوله: يا للكهول: يا: حرف نداء واستغاثة.
للكهول: اللام مفتوحة، حرف جرّ، والجار والمجرور متعلقان ب (يا) لأن فيها معنى الفعل، أو بفعل محذوف، أو زائدة لا تحتاج إلى متعلق .. للعجب: جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف أي: أدعوكم للعجب ... والبيت في باب «الاستغاثة»، فالمستغاث يجرّ بلام مفتوحة، والمستغاث له يجر بلام مكسورة، والعطف على المستغاث به بدون تكرار ياء النداء، يجعل المعطوف مجرورا بلام مكسورة. [الخزانة/ ٢/ ١٥٤، والهمع ج ١/ ١٨٠، والأشموني/ ٣/ ١٦٥، والدرر/ ١/ ١٥٥].
... البيت للشاعر طفيل بن كعب الغنوي، من شعراء الجاهلية، اشتهر بوصف الخيل، حتى قال عبد الملك بن مروان، من أراد أن يتعلم ركوب الخيل فليرو شعر طفيل .. والبيت في وصف الخيل أيضا.
والكمت: جمع أكمت، وإن لم يكن هذا المفرد مستعملا، وإنما المستعمل كميت بزنة المصغر. وهو الذي لونه الحمرة يخالطها سواد. ومدمّاة: شديدة الحمرة. وجرى:
سال. واستشعرت لون مذهب: جعلت هذا اللون شعارها، وأصل الشعار: بوزن كتاب:
العلامة يتخذها المحارب ليعرف بها، أو هو ما يلي الجسد من الثياب. والمذهب:
المموه بالذهب.
والشاهد: جرى فوقها واستشعرت لون مذهب، فإن هذا الكلام من التنازع، فقد تقدم عاملان هما: جرى - واستشعرت وتأخر عنهما معمول - وهو لون مذهب - وكلاهما يطلبه وقد أعمل الشاعر العامل الثاني في لفظ المعمول، فنصبه على المفعولية. ولو أعمل الأول لرفع «لون مذهب» لأن الأول يطلبه فاعلا، ولأتى بضمير المعمول بارزا مع العامل الثاني، فكأنه يقول: جرى فوقها واستشعرته لون مذهب [سيبويه/ ١/ ٣٩، والإنصاف ص ٨٨، والأشموني/ ٢/ ١٠٤].