والطارق: الذي يأتي ليلا، ومن جنّ: خبره. وقيل: اسمها مضمر فيها، أي: إن كان المرء، ومن جنّ: خبره، أي: جنيّا. و «اللام» في «لأبرح» جواب قسم محذوف، أي:
والله لأبرح، وجوابه أغنى عن جواب الشرط. وطارقا: تمييز. ويجوز أن يكون حالا من الضمير في «أبرح»، وهو الطارق. و «الكاف» يجوز أن تكون اسما، فموضعها نصب ب «تفعل»، أي: ما تفعل الإنس مثلها، والضمير عائد على الفعلة التي وجدت. والإنس:
مبتدأ، وتفعل: خبره.
والبيت شاهد على أن أداة الشرط إذا لم يكن لها جواب في الظاهر، يجب أن يكون شرطها ماضيا لفظا ومعنى، نحو:«أكرمك إن أتيتني»، و «أكرمك إن لم تقطعني». وقد يجيء في الشعر مستقبلا، كما في البيت. [الخزانة ج ١١/ ٣٤٣، والهمع ج ٢/ ٣٠، والعيني ٣/ ٢٦٩]. و «أبرح» في البيت: فعل ماض، بمعنى البرح، وهو الشدّة.
٣٦٩ - ولي دونكم أهلون سيد عملّس ... وأرقط زهلول وعرفاء جيأل
من لامية الشنفرى الموسومة بلامية العرب. والخطاب إلى بني قومه. وبدأها بقوله:
أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل
ومعنى «أقيموا صدور مطيكم»: يقال: أقام صدر مطيته، إذا جدّ في السير، وكذلك إذا جدّ في أيّ أمر كان. يؤذن قومه بالرحيل، وأن غفلتهم عنه، توجب مفارقتهم. وبني أمي: منادى، وأضاف الأبناء إلى الأم؛ لأنها أشدّ شفقة، كما قيل في قوله تعالى حكاية عن هارون: يَا بْنَ أُمَّ. [طه: ٩٤]، وأميل: بمعنى مائل. وبعد المطلع إلى البيت الشاهد قوله:
فقد حمّت الحاجات والليل مقمر ... وشدّت لطيّات مطايا وأرحل
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ... وفيها لمن خاف القلى متحوّل
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ ... سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل
ولي دونكم ...
فهو يعلم أهله بالرحيل؛ لأنهم لم يؤدوا واجبهم نحوه، ولم يحفظوا له حقّه في المودّة، ويقرر أن في الأرض متسعا للعيش. وفي الأرض أهل يأنس بهم غير أهله ويريد بهم:
وحوش الصحراء. وقوله: ولي دونكم، «دون» بمعنى «غير». ولي: خبر مقدم، وأهلون: