للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤٣ - فأتت به حوش الفؤاد مبطّنا ... سهدا إذا ما نام ليل الهوجل

لأبي كبير الهذلي.

وقوله: فأتت به، أي: فولدته. والهوجل: الوخم الثقيل، وأتت به: يعني: أمه.

حوش الفؤاد: وحشي الفؤاد. مبطنا: خميص البطن. سهدا: يقوظا لا ينام. وضمر البطن محمود في الذكور.

والشاهد أنّ إضافة «حوش» إلى الفؤاد، لفظية لا تفيد تعريفا، بدليل أنه حال من «الهاء». [شرح أبيات المغني/ ٧/ ٩٨].

٢٤٤ - ممّن حملن به وهنّ عواقد ... حبك النّطاق فشبّ غير مهبّل

حملت به في ليلة مزؤودة ... كرها وعقد نطاقها لم يحلل

من قصيدة لأبي كبير الهذلي، وكان قد تزوج أمّ تأبط شرا وكان غلاما صغيرا، فلما رآه كثير الدخول على أمه تنكّر

له، وعرف ذلك أبو كبير في وجهه إلى أن ترعرع الغلام، فقال أبو كبير لأمه: ويحك قد والله رابني أمر هذا الغلام ولا آمنه، فلا أقربك، قالت له:

فاحتل عليه حتى تقتله، فاحتال عليه أبو كبير للخروج إلى الغزو، فخرجا، وأخذ يتحيّن منه غرّة ليقتلة، فلم يستطع، فرجعا إلى الحيّ وترك أبو كبير أمّ تأبط شرا. والقصة إن صدقت، أعظمت في عيني مكانة تأبط شرا، وجعلت منزلة أمّه في الدّرك، وبغّضت أبا كبير الجاهلي، ولا شك أنه بعد إسلامه قد تغيرت طباعه، والقصة قد تصدق فيما قيل عن تأبط شرا، وما زال هذا الشعور موجودا في الأبناء، فهم لا يريدون أن يروا غير أبيهم في البيت، ولا تصدق فيما قيل عن أمّ تأبط شرّا؛ لأنّ حبّ الأم المتعة لا يجعلها تقتل ابنها. وقوله: ممن حملن: النون ضمير النساء، وقال: «به» فردّ الضمير على لفظ «من»، ولو ردّ على المعنى لقال: «بهم».

وعدى «حمل» ب «الباء»، وهو متعد بنفسه؛ لأنه ضمّنه معنى «حبلت». وعواقد: جمع عاقدة. والحبك: جمع حباك - بكسر أوله - ما يشد به النطاق مثل «التكة». والنطاق: شقة تلبسها المرأة وتشدّ وسطها ثم ترسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة، والأسفل ينجرّ على الأرض. والمهبّل: المثقل باللحم، وقيل: المعتوه. يتحدث عن تأبط شرّا، يقول: إن أمه حملت به وهي تخدم، وكانت العرب تستحب أن تطأ النساء وهنّ متعبات أو فزعات؛

<<  <  ج: ص:  >  >>