٣٩٨ - فلم يجدا إلّا مناخ مطيّة ... تجافى بها زور نبيل وكلكل
٣٩٩ - ومفحصها عنها الحصى بجرانها ... ومثنى نواج لم يخنهنّ مفصل
٤٠٠ - وسمر ظماء واترتهنّ بعد ما ... مضت هجعة عن آخر اللّيل ذبّل
هذه الأبيات الثلاثة، لكعب بن زهير.
وقوله: فلم يجدا، يعني: الغراب والذئب، وقد ذكرهما في قوله قبل ذلك ببيتين:
غراب وذئب ينظران متى أرى ... مناخ مبيت أو مقيل لمنزل
يقول: لم يجدا بالمنزل إلا موضع إناخة مطيته، وقد تجافى بها عن أن يمس بطنها الأرض؛ لضمرها. والزور: ما بين ذراعيها من صدرها.
وقوله: ومفحصها: المفحص: موضع فحصها الحصى عند البروك، والفحص:
البحث، أي: تفحص الأرض عنها بجرانها، وهو ما ولي الأرض من عنقها. والمثنى:
موضع الثني، يعني: موضع قوائمها حين ثنيها للبروك.
والنواجي: السريعة. ولم يخنهن مفصل، أي: مفاصلها قوية تمنح أرجلها التماسك والشدة.
والسمر في البيت الثالث: يعني البعر.
وظماء: يابسة؛ وذلك لأن الناقة قد عدمت المرعى الرطب، ولم تشرب الماء أياما؛ لأنها في فلاة.
واترتهنّ: تابعت بينهن عند انبعاثها.
والهجعة: النومة في الليل، يعني: نومة المسافر في آخر الليل.
والذبل: جمع ذابلة، أراد به اليبس أيضا، وهو من صفة السمر.
والشاهد في البيت الثالث: رفع «السمر» حملا على المعنى، كأنه قال: في ذلك المكان كذا وكذا، وكان الوجه النصب، لو أمكنه. وتفسير هذا التخريج: أن الشاعر قال:
فلم يجدا إلا مناخ: مفعول به منصوب.