أنّ جملة «والأيام يعثرن بالفتى» معترضة بين المبتدأ والخبر. [الهمع/ ١/ ٢٤٧، وشرح أبيات المغني/ ٦/ ١٨٦].
٣٥ - فلا، وأبي دهماء، زالت عزيزة ... على قومها ما فتّل الزّند قادح
البيت مجهول القائل، ودهماء: اسم امرأة. وذكره ابن هشام شاهدا على اعتراض الجملة القسمية (وأبي دهماء) بين «لا» وبين «زالت». والأصل «فو أبي دهماء لا زالت عزيزة» وأحسن منه أن نقول إن «لا» التي تسبق «زال» محذوفة، كما في قوله تعالى:
تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ [يوسف: ٨٥]، ويؤيّد هذا التفسير رواية أخرى للبيت هي «لعمر أبي دهماء زالت عزيزة»، وعلى هذا تكون «لا» في أول البيت، لردّ شيء ذكر قبلها، أي: فليس الأمر كذلك، وأبي دهماء. كما قيل في قوله تعالى: لا، أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ [القيامة: ١] على أنّ «لا» لنفي كلام سابق، وجملة «لا زالت» في البيت، جواب القسم. و (ما) من
قول «ما فتّل» مصدرية ظرفية، يريد بها استمرار الحدث، وقد بقي هذا المصدر الظرفي مستمرا حتى أيامنا هذه، مع أنه متعلق ببعض العادات البائدة، إلا أنّ هذه العادة رجعت مع الحضارة في صورة القدّاحة. [الخزانة/ ٩/ ٢٣٧، شرح أبيات المغني/ ٦/ ٢٢٣، والهمع/ ٢/ ١٥٦].
البيت مجهول القائل، وفيه شاهد على أنّ «لدن» مضاف إلى الجملة الفعلية، و «وفاقكم» مفعول «لزمنا» والجنوح: الميل. [شرح أبيات مغني اللبيب/ ٦/ ٢٨٦].
[٣٧ - تركت بنا لوحا ولو شئت جادنا ... بعيد الكرى ثلج بكرمان ناصح]
البيت لجرير بن عطية من قصيدة يمدح بها عبد العزيز بن مروان، واللوح: العطش، فعله لاح يلوح، وجادنا: أروانا، بعيد: تصغير لتقريب الزمن، وشبه ريقها بالثلج وأضافه إلى كرمان، لأنّ ثلجه كثير لا ينقطع عنه، ناصح: خالص، صفة للثلج، يعني: أن ريقها يوجد باردا كالثلج عقب النوم بلا فاصلة، وهذا غاية في اعتدال المزاج، لأن الريق ورائحة الفم يتغيران في النوم، والشاهد في البيت (جادنا بعيد الكرى ثلج) حيث نقل ابن هشام أنّ الظرف «بعيد» لا يتعلق بالفعل «جاد» لضعفه في المعنى. وقالوا: ربما يكون الظرف متعلقا ب «ثلج» لما فيه من معنى الفعل وهو وإن كان جامدا فإن فيه معنى «بارد»،