البيت لجميل صاحب بثينة، القوادح: جمع قادح، وهو السواد الذي يظهر في الأسنان والبيت شاهد على أن الشيء إذا بلغ غايته، يدعى عليه، صونا عن عين الكمال، لأن الناس يحسدون الشيء الكامل، كقولهم: قاتل الله فلانا ما أشجعه.
ولكنهم اختلفوا في تفسير هذا البيت: فقيل: أراد بالعينين: رقيبيها، وبالغرّ من أنيابها كرام ذويها وعشيرتها، والمعنى: أفناهم الله وأراهم المنكرات، فهو في الظاهر يشتمها وفي النية يشتم من يتأذى به فيها.
وقيل: أراد: بلغها الله أقصى غايات العمر حتى تبطل عواملها وحواسها، فالدعاء على هذا لها، لا عليها.
وقال قوم: إنه يدعو عليها حقيقة، ويستدلون على ذلك، بما رواه أبو الفرج في الأغاني (ج ٧/ ٧٩ - ٨٠) أن جميلا لقي بثينة بعد تهاجر بينهما طالت مدّته، فتعاتبا فقالت له: ويحك يا جميل، أتزعم أنك تهواني وأنت الذي تقول:
رمى الله في عيني بثينة .. البيت
فأطرق جميل طويلا يبكي.
وروى أبو الفرج قصة أخرى، تدل على أن جميلا انصرف عن بثينة وهجرها وقال البيت.
قلت: تفسير البيت بأنه دعاء على بثينة حقيقة: ينافي قواعد الحبّ العذري العفيف ولعلّ الشاعر أراد من قوله ذاك، أن تبدو كذلك في عيني زوجها فيكرهها، ولا يستمتع بجمالها، ولكنه لا يتمنى أن تكون كذلك في واقع الحال. والله أعلم. [الخصائص/ ٢/ ١٢٢، والخزانة/ ٦/ ٣٩٨].