٢٦ - بعد اللّتيّا واللّتيّا والّتي ... إذا علتها أنفس تردّت
البيت من رجز العجّاج، وقوله: اللّتيا: تصغير «التي» ويصغرون «التي» على هذا اللفظ للدلالة على معنى شناعة الشيء وعظمه، وقد وصف العجاج دواهي شنيعة. والعجاج:
اسمه عبد الله، ولقب بالعجّاج ببيت قاله وهو:
«حتى يعجّ عندها من عجعجا»
وهو راجز مجيد، عده الجمحي من الشعراء الإسلاميين، قيل: ولد في الجاهلية ومات أيام الوليد بن عبد الملك، وهو أول من رفع الرجز، وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل، قال ابن رشيق: تسمى الأرجوزة قصيدة، طالت أبياتها أم قصرت، ولا تسمى القصيدة أرجوزة، إلا أن تكون من أنواع الرجز ولو كانت مصرّعة الشطور، فالقصيدة تطلق
على كل الرجز، لا العكس.
وقوله في البيت «تردّت» من الردى، وهو الهلاك، فعله «ردي يردى». وإن شئت جعلته من التردّي الذي هو السقوط من علوّ، ومنه «المتردية» الشاة التي تسقط من جبل أو في بئر فتموت. وقوله: علتها؛ من العلوّ والضمير لأسماء الموصولات التي هي بمعنى الدواهي، وإذا: شرطية، علتها: شرطها. وتردّت: جزاؤها، والجملة الشرطية صلة «التي».
والشاهد في هذا البيت: حذف صلة الموصولين الأولين، لأن صلة الموصول الثالث دلّت على ما أراد. [شرح المفصل/ ٥/ ١٤٠، وشرح المغني/ ٧/ ٣١٠، واللسان (لتى) والمقتضب/ ٢/ ٢٨٩].
٢٧ - علّ صروف الدهر أو دولاتها ... تدلننا اللّمّة من لمّاتها
فتستريح النفس من زفراتها
الرجز مجهول القائل: وصروف الدهر: حوادثه. والدولة: بالفتح والضم: الانتقال من حال البؤس إلى حال السرور. وتدلننا: من الإدالة، وهو النصر، يتعدى إلى مفعولين أحدهما ب (على) ف (اللمة) في البيت منصوبة على نزع الخافض وهو «على» والتقدير:
تدلننا على اللمة. وزفرات: جمع زفرة، بسكون الفاء، وهي تردد النفس في الجوف،