للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة، بدأ وجه الحياة يبتسم للناس، لأنه ولّي لتهدئة النفوس الثائرة، حيث أخواله آل الخطاب في المدينة، ولأنه شرط على الوليد ألا يسأله عن المال، كم جنيت وكم بقي ..

فكان عمر يجمع الصدقات من ولايته، ويوزعها على المحتاجين إليها، ولو لم يبعث إلى بيت المال - في دمشق - درهما واحدا.

وقد ذكر النحويون البيت الثاني فقط، وذكرت الأول ليفهم الكلام .. والشاهد في البيت الثاني: على أنّ (إذ) في الموضعين للتعليل. واستشهد سيبويه بالبيت أيضا على أنّ بعض الناس ينصب «مثلهم» خبرا ل (ما) الحجازية وبشر اسمها، قال: وهذا، لا يكاد يعرف .. وفي رواية النصب تأويلات أخرى لم أذكرها ويروى أيضا بالرفع على أن «ما» تميمية، غير عاملة.

٢٢٢ - حسب المحبين في الدنيا عذابهم ... تالله لاعذّبتهم بعدها سقر

البيت لشاعر اسمه المؤمّل - اسم مفعول - بن أميل بن أسيد المحاربي، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية.

قال ابن هشام في باب «لا» فإن كان ما بعدها جملة اسمية صدرها معرفة، أو نكرة ولم تعمل فيها، أو فعلا ماضيا لفظا وتقديرا وجب تكرارها، قال: ومثال عدم وجوب التكرار بعدم قصد الماضي، إلا أنه ليس دعاء قول الشاعر .. وذكره، فالفعل «عذّبتهم» مستقبل في المعنى، لأن التقدير «لا تعذبهم في الآخرة» بدليل قوله «في الدنيا».

وروى صاحب الأغاني قال: رأى المؤمّل في نومه قائلا يقول له: أنت المتألي - الحالف - على الله أنه لا يعذب المحبين حيث يقول: (وذكر البيت) .. فقال: نعم، فقال: كذبت يا عدوّ الله، ثم أدخل أصبعيه في عينيه وقال له: أنت القائل؛ [من القصيدة نفسها].

شفّ المؤمّل يوم الحيرة النظر ... ليت المؤمّل لم يخلق له بصر

هذا ما تمنيت، فانتبه فزعا فإذا، هو قد عمي. أقول: ومع أنّ الأصبهاني يكذب في أكثر قصصه، إلا أنني لا أستبعد حصول هذا الأمر، لأن الشاعر أرخى الحبل للعابثين، لكي يستمروا في عبثهم، فجعله الله عبرة لهم. [شرح أبيات المغني/ ٤/ ٣٩١، والخزانة/ ٨/ ٣٣٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>