فاشرب»، وقد قالوا في الردّ على من أنكر على سيبويه روايته: إنّ القياس لا يأبى ذهاب حركة الإعراب في المنقول عن العرب، وقد قرأت القرّاء: ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ. [يوسف: ١١] بالادغام، وخط في المصحف ب «نون» واحدة فلم ينكر ذلك أحد، فكما جاز ذهابها للإدغام، فكذا ينبغي أن لا ينكر ذهابها للتخفيف، وقرأ ابن محارب: وبعولتهن أحق بردهن. [البقرة: ٢٢٨] بإسكان التاء، وقرأ الأعمش: وما يعدهم الشيطان. [النساء: ١٢] بإسكان الدال. [الخزانة/ ٨/ ٢٥٣، وشرح المفصل/ ١/ ٤٨، وشرح الذهب/ ٢١٢].
٣٥٠ - وما حقّ الذي يعثو نهارا ... ويسرق ليله إلا نكالا
يعثو: يفسد. والنكال: العقوبة. والبيت شاهد على عمل «ما» الحجازية إذا انتقض نفيها ب «إلّا». فقوله:«ما» نافية، حقّ: اسمها، ونكالا: خبرها. ومثله قول الشاعر:
وما الدهر إلا منجنونا بأهله ... وما صاحب الحاجات إلا معذّبا
والبيت الشاهد للشاعر مغلس بن لقيط الأسدي، شاعر جاهلي. [الهمع ج ١/ ١٢٣].
[٣٥١ - بينما نحن بالأراك معا ... إذ أتى راكب على جمله]
البيت لجميل العذري.
والشاهد:«بينما»، حيث كفت «ما»«بين» عن الإضافة إلى المفرد، فجاءت بعده الجملة الاسمية (نحن بالأراك). [شرح أبيات المغني/ ٥/ ٢٧٢، والمرزوقي/ ١٧٨٤].
٣٥٢ - وكلّ أبيّ باسل غير أنني ... إذا عرضت أولى الطرائد أبسل
من لامية العرب للشّنفرى، ولا أعلم من الذي سماها لامية العرب، ولعلّ ذلك كان في وقت متأخر بعد ظهور لامية العجم للطغرائي، والله أعلم.
وقوله: وكلّ أبيّ، أي: كل واحد من الوحش؛ لأنه زعم في قصيدته أنه اتخذ الوحش أهلا له دون أهله من قبيلته.
والأبيّ: الصعب الممتنع. والباسل: الشجاع. وقوله في نهاية البيت:«أبسل»، أفعل تفضيل. والطرائد: جمع الطريدة، والمراد هنا: الفرسان ومطاردة الأقران في الحرب، إذا حمل بعضهم على بعض.