للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣٩ - أم هل كبير بكى لم يقض عبرته ... إثر الأحبّة يوم البين مشكوم

البيتان لعلقمة الفحل، وهما مطلع قصيدته الميميّة في المفضليات.

وقوله: هل ما .. الخ: هل دخلت على الجملة الاسمية فإن «ما» موصولة، مبتدأ.

و «ما» الثانية، معطوفة. ومكتوم: خبر المبتدأ، و «أم» حرف استئناف، بمعنى «بل» لأنها منقطعة وفيها معنى الهمزة، وجملة «حبلها مصروم» من المبتدأ والخبر استئنافية. وإذ:

تعليلية، متعلقة بمصروم، بمعنى مقطوع. والحبل: استعارة للوصل والمحبة. ونأتك:

أصله، نأت عنك، فحذف (عن) ووصل الضمير. ونأت: بعدت. والمعنى هل تكتم الحبيبة، وتحتفظ ما علمت من ودّ هالك، وما استودعته من قولها لك: أنا على العهد، لا أحول عنك. بل انصرم حبلها منك لبعدها عنك، فإن من غاب عن العين غاب عن القلب وهذه شيمة الغواني، كما قال كثير عزّة:

وإن حلفت لا ينقض النأي عهدها ... فليس لمخضوب البنان يمين

وقوله: أم هل كبير: أم هنا منقطعة بمعنى «بل» ومجردة عن الاستفهام لدخولها على «هل» وكبير: مبتدأ، ومشكوم - بمعنى مجازى، خبره. وجملة بكى، صفة (كبير).

وعليه فإنّ دخول هل على «كبير» ليس ضرورة، كما زعم بعضهم. فالضرورة القبيحة، عند ما تدخل هل على اسم يليه فعل يكون محدّثا به، كقولك، هل زيد قام؟ والقاعدة العامة: إذا وقع بعد أدوات الاستفهام ما عدا الهمزة - اسم وفعل، فإنك تقدم الفعل على الاسم في سعة الكلام، ولا يجوز تقديم الاسم على الفعل إلا في ضرورة الشعر.

وما في البيت ليس منه، لأن (هل) هنا، داخلة على جملة اسمية نحو «هل زيد قائم».

وقوله «لم يقض عبرته» صفة ثانية ل (كبير) يريد: لم يشتف من البكاء، لأنّ في ذلك راحة. قال: «وإنّ شفائي عبرة» وقيل: معناه: لم ينفد ماء شؤونه ولم يخرج دمعه كلّه، لأنه إذا لم يخرجه كان أشدّ لأسفه واحتراق قلبه.

والشاهد في البيت الأول: أنه يجوز أن تأتي (هل) بعد «أم» وليس فيه جمع بين استفهامين، لأنّ أم مجردة عن الاستفهام، إذا وقع بعدها أداة استفهام. و «أم» المنقطعة، حرف استئناف بمعنى «بل» فقط، وليست عاطفة، كما يرى كثير من النحويين. ولكن ابن مالك يرى أنها قد تعطف المفرد كقول العرب «إنها لإبل أم شاء» فقال: هنا، لمجرد

<<  <  ج: ص:  >  >>