فقط، لأنه الأصل، أو الركن وفيه نظر: لأن المفعول به قد يوجد قبل أن يوجد الفاعل - ولا أريد الفاعل الجسم - وإلا فالمفعول الجسم، هو موجود أيضا - ولكني أريد الفاعل (المعنى) بمعنى الفعل الخالق للمفعول ... والتصور الفلسفي:
أنّ زيدا موجود، ولكن لا يكون فاعلا قبل أن يفعل المفعول ... ثم يطرأ أمامه طارئ الفعل، فيوجد معنى الفاعل فيه ليفعله. وبهذا يسبق المفعول به الفاعل في رتبة خلق الأشياء. فمن أين جاءت إلى النحويين فكرة القول: إن الفاعل متقدم لفظا ورتبة والمفعول مؤخر في اللفظ والرتبة. لعلّ ذلك جاءهم من فكرة أن الله الخالق، متقدم، أو هو القديم، والمخلوق متأخر. ولكن هذا مردود: لأن الفاعل والمفعول في النحو، متعلقان بالناس والمخلوقين فقط. ثم إن خلق الله مكتوب في اللوح، وهو قديم، لأن «الخالق» من صفات الله القديمة، فيكون مخلوقه قديم محدث ولكنه محدث بالنظر إلى رؤيتنا له. والله أعلم. [الأشموني/ ٢/ ٥٨، وشرح أبيات المغني/ ٧/ ٧١].
١٠٦ - تمرون الديار ولم تعوجوا ... كلامكم عليّ إذا حرام
البيت لجرير بن عطية بن الخطفي.
والشاهد: تمرون الديار: حيث حذف الجار وأوصل الفعل اللازم إلى الاسم الذي كان مجرورا فنصبه وأصله «تمرون بالديار» ويسمى ذلك «الحذف والإيصال» وهذا قاصر على السماع، ولا يجوز ارتكابه في سعة الكلام إلا إذا كان المجرور مصدرا مؤولا من «أنّ» الناسخة مع اسمها وخبرها أو من «أن» المصدرية مع فعلها. [ابن عقيل/ ١/ ٤٥٦، والهمع/ ١/ ٨٣، والخزانة/ ٩/ ١١٨، والدرر/ ١/ ١٠٧].
١٠٧ - وأغفر عوراء الكريم ادّخاره ... وأعرض عن شتم اللئيم تكرّما
من شعر حاتم الطائي. والعوراء: الكلمة القبيحة. ادخاره: استبقاء لمودته. وأعرض:
أصفح.
ادخاره: مفعول لأجله. وتكرّما: مفعول لأجله.
والشاهد: ادخاره: حيث وقع مفعولا لأجله مع أنه مضاف للضمير، ولو جرّه باللام فقال: لادخاره. لكان سائغا مقبولا. وهو ردّ على من زعم أن المفعول لأجله لا يكون