للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦١ - يا ليت أمّ العمرو كانت صاحبي ... مكان من أشتى على الركائب

هذا رجز يرويه أهل اللغة، وهم موثّقون فيما يروون من الأبيات المفردة إذا لم يذكروا أصحابها، لأنهم كانوا يجوبون البوادي لسماع اللغة من أصحابها، أو يتلقون الأعراب في الأسواق. والشاهد: أم العمرو، حيث أدخل الألف واللام على العلم، وهذا عند البصريين قليل لا يقاس عليه.

قالوا ذلك في مجال الردّ على الكوفيين الذين نقلوا أن العرب يعرّفون جزئي العدد المركب، فيقولون: «جاء الخمسة العشر راعيا». قال أهل اللغة: وقد يشيع العلم، ويكون واحدا من الأمّة المسماة به، ويجري مجرى رجل وفرس فتصحّ إضافته وإدخال اللام عليه، وعندها يخرج عن أن يكون معرفة .. فيقولون: جاء المحمدون، وللقفطي كتاب «الشعراء المحمدون».

قلت: وإخواني الخمسة، سمّى كل واحد منهم ابنه باسم والدنا «محمد» رحمه الله تبركا بالاسم، ولإظهار الحبّ والودّ للوالد، بإبقاء ذكراه بين الأسرة، وكان الإخوان الخمسة متجاورين في السكن، فإذا نودي «محمد» أجاب اثنان أو ثلاثة، وإذا تحدثت المجالس عن «محمد» من أبناء الأسرة، حصل لبس، أي: المحمّدين يريد المتحدث، فاهتدت سليقتهم البدوية إلى طريقة في التمييز عن طريق الإضافة، فقالوا: محمد حسن، ومحمد عبد الله، ومحمد حسني .. بإضافة «محمد» إلى أبيه. وأظنّ أن صنيعهم هذا عربي، وقد يؤول على حذف «ابن» ويكون التقدير محمد بن حسن، ومحمد بن عبد الله، وليس هو من مثل «محمد عليّ» لأن الأخير يفسد المعنى المقصود بإضافته، إذ المقصود، البركة من الاسم النبويّ، وفيه إضافة الأعلى إلى الأدنى، وهو فاسد، ولعلّ أول من عرف ب (محمد علي) في بلاد العرب هو محمد علي باشا، مؤسس الأسرة التي حكمت مصر، وجلبت الويلات إلى بلاد العرب. [الإنصاف ص ٣١٦، وشرح المفصل/ ١/ ٤٤].

[٦٢ - فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب]

.. هذا البيت للشاعر، نصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان، يمدح سليمان ابن عبد الملك: يقول: إن هؤلاء الناس الذين لقيتهم وسألتهم عنك قد أثنوا عليك، وذكروا من كرمك ومحاسن أخلاقك ما أنت أهل له، ولو أنهم لم يمدحوا بألسنتهم لتكلّمت حقائبهم، يريد أن حقائبهم كانت ممتلئة بعطاياه.

<<  <  ج: ص:  >  >>