والشاهد في البيتين: «فلا مني صديقي»، و «شلّت»، و «كفنت»، و «صادف حوطا»، فإن كل واحدة من هذه الجمل
خبرية لفظا إنشائية معنى؛ لأن المقصود بها الدعاء. والبيتان من شواهد البصريين على منع مجيء الفعل الماضي حالا، وأن الأفعال الماضية التي استشهد بها الكوفيون خبرية لفظا إنشائية معنى، كما في البيتين، والإنشاء لا يكون حالا في زعمهم.
ولا يجيز البصريون مجيء الماضي حالا إلا إذا سبقته (قد)، إما لفظا، أو تقديرا.
[الإنصاف/ ٢٥٦، والحماسة/ ١٥٢].
١٢٤ - أزهير إن يشب القذال فإنّه ... رب هيضل لجب لففت بهيضل
من شعر أبي كبير الهذلي، واسمه عامر بن حلس.
وقوله: أزهير: النداء لابنه. والقذال: ما بين نقرة القفا وأعلى الأذن، وهو آخر موضع من الرأس يشيب شعره. وربما أطلق القذال وأريد الرأس كله من باب إطلاق الجزء على الكل.
والهيضل: بزنة جعفر، الجماعة من الناس. ولجب: كثير الجلبة مرتفع الأصوات.
وقوله: لففت: معناه جمعت، ويروى لفقت، ومعناه أيضا جمعت. يريد أنه جمع جيشا بجيش؛ للحرب والطعان.
والشاهد: «رب» حيث جاءت مخففة بباء واحدة، ومنهم من يجعلها ساكنة؛ لأن أول المشدد ساكن، فحذف الباء الثانية. ومنهم من يجعلها مفتوحة. ويستقيم وزن البيت بالروايتين. [الإنصاف/ ٢٨٥، وشرح المفصل/ ٥/ ١١٩ و ٨/ ٣١، والخزانة/ ٩/ ٥٣٥].
١٢٥ - رددنا لشعثاء الرسول ولا أرى ... كيومئذ شيئا تردّ رسائله
شعثاء: اسم امرأة .. والرسول: الرسالة.
والشاهد: «كيومئذ»، فإن الرواية بفتح «يوم»، مع أنه مدخول حرف الجرّ. فدلّ ذلك على أنه بناه؛ لإضافته إلى المبني وهو «إذ». وتنوين «إذ» في التركيب، تنوين عوض من الجملة التي من حقّ «إذ» أن يضاف إليها. ويجوز فيها البناء بالفتح والإعراب. إن فتح، فهو منصوب، وإن سبقه حرف جر، أو مضاف، فهو مجرور بالحركة. [الإنصاف/ ٢٨٩].