للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطر ما أتاه أهل الضواحي يشكون منه الغرق، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم حوالينا ولا علينا»! فانجاب السحاب عن المدينة فصار حواليها كالإكليل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لسرّه». فقال له بعض أصحابه (وهو علي رضي الله عنه):

كأنك أردت يا رسول الله قوله:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه .. البيت.

قال: «أجل»!. انتهى.

وبتصديق النبي صلّى الله عليه وسلّم كون هذا البيت لأبي طالب - وعليه اتفق أهل السير - سقط ما أورده الدّميري في شرح المنهاج في باب الاستسقاء عن الطبراني وابن سعد: أن عبد المطّلب استسقى بالنبي صلّى الله عليه وسلّم فسقوا؛ ولذلك يقول عبد المطلب فيه يمدحه:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه .. البيت.

قال ابن حجر الهيثمي في شرح الهمزيّة: «وسبب غلط الدّميريّ في نسبة هذا البيت لعبد المطلب: أن رقيقة (براء مضمومة وقافين) بنت أبي صيفيّ بن هاشم، وهي التي سمعت الهاتف في النوم أو في اليقظة - لما تتابعت على قريش سنون أهلكتهم - يصرخ:

يا معشر قريش، إن هذا النبيّ المبعوث قد أظلّتكم أيامه، فحيّهلا بالحيا والخصب، ثم أمرهم بأن يستسقوا به. وذكر كيفيّة يطول ذكرها. فلما ذكرت الرواية في القصّة أنشأت تمدح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأبيات آخرها:

مبارك الأمر يستسقى الغمام به ... ما في الأنام له عدل ولا خطر

فإنّ الدّميري لما رأى هذا البيت في رواية قصّة عبد المطلب التي رواها الطبراني - وهو يشبه بيت أبي طالب؛ إذ في كلّ استسقاء الغمام به - توهّم أن بيت أبي طالب لعبد المطلب. وإنما هو لرقيقة المذكورة. والحكم عليه بأنه عين المنسوب لأبي طالب ليس كذلك، بل شتّان ما بينهما. فتأمّل هذا المحلّ فإنه مهمّ. وقد اغترّ بكلام الدّميريّ من لا خبرة له بالسير». انتهى.

٣١١ - يلوذ به الهلّاك من آل هاشم ... فهم عنده في رحمة وفواضل

يلوذ: صفة أخرى لموصوف «سيد». والهلاك: الفقراء والصعاليك الذين ينتابون الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>