وقفت بربعيها فعيّ جوابها ... فقلت وعيني دمعها سرب همر
ألا أيّها الركب المخبون هل لكم ... بساكن أجراع الحمى بعدنا خبر
فقالوا طوينا ذاك ليلا وإن يكن ... به بعض من تهوى فما شعر السّفر
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد كنت آتيها وفي النفس هجرها ... بتاتا لأخرى الدهر ما طلع الفجر
فما هو إلّا أن أراها فجاءة ... فأبهت لا عرف لديّ ولا نكر
وأنسى الذي قد كنت فيها هجرتها ... كما قد تنسّي لبّ شاربها الخمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما الذّعر
ويمنعني من بعض إنكار ظلمها ... إذا ظلمت يوما وإن كان لي عذر
مخافة أني قد علمت لئن بدا ... لي الهجر منها ما على هجرها صبر
إذا قلت هذا .. البيت الشاهد.
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها ... وينبت في أطرافها الورق الخضر
وإني لتعروني لذكراك هزّة ... كما انتفض العصفور بلله القطر
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
... والبيت الشاهد، ذكره ابن هشام في المغني (ش ٩١٢) شاهدا على جواز بناء المضاف، إذا كان المضاف زمانا مبهما والمضاف إليه فعلا معربا، وجاء في حاشية التحقيق أن «حين» مبني على الفتح في محلّ رفع خبر المبتدأ «هذا»، لعله يشير إلى أن الشاهد في البيت «حين أسلو» ولكنّ في البيت ظرفا آخر مضافا وهو «حيث يطّلع».
[شرح أبيات مغني اللبيب ج ١/ ٣٣٨].
١٩٦ - أفي الحقّ أنّي مغرم بك هائم ... وأنّك لا خلّ هواك ولا خمر
البيت لعابد بن المنذر العسيري، كما قال السيوطي ومعناه أن حبّها له ملتبس عليه، فلا هو صدّ يوقع اليأس، ولا إقبال يوقع الأمل في النفس، وقد ذكر ابن هشام البيت في باب «أما» بالفتح والتخفيف، وذكر من معانيها أن تكون بمعنى «حقا» أو «أحقا» وتفتح أنّ بعدها كما تفتح بعد «حقا» وقال بعضهم إن «أما» اسم بمعنى حقا، أو الهمزة للاستفهام، و «ما» اسم بمعنى شيء، وذلك الشيء «حقّ» فالمعنى «أحقا» وموضع «ما»