والشاهد وإن كان في جواب الشرط فإن النحاة ذكروه دليلا على أن الفعل ماضي المعنى في ظاهر الأمر ولكنه عند التأمل يرى مستقبلا، وذلك في سياق ما شرطوه من كون فعل الشرط لا يكون ماضي المعنى، فلا يجوز أن نقول: إن قام زيد أمس أقم معه، وقوله تعالى: إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ [المائدة: ١١٦] المعنى: «إن يتبين أني كنت قلته».
وقولك: إن قام زيد أقم، سيكون القيام مستقبلا إن شاء الله. [شذور الذهب/ ٣٣٦، وشرح أبيات المغني/ ١/ ١٢٤].
٢٨ - دريت الوفيّ العهد يا عرو فاغتبط ... فإنّ اغتباطا بالوفاء حميد
البيت مجهول القائل. ودريت: مبني للمجهول من «درى» إذا علم، عرو: مرخم عروة. والشاهد:«دريت الوفيّ»، حيث
استعمل الفعل «درى» بمعنى علم، ونصب مفعولين، أولهما: تاء المخاطب الواقعة نائبا عن الفاعل، وثانيهما: الوفيّ. قالوا:
والأكثر في «درى» أن تتعدى إلى واحد بالباء، تقول: دريت بكذا وقال تعالى: وَلا أَدْراكُمْ بِهِ [يونس: ١٦] وقد تعدت هنا إلى الكاف بواسطة الهمزة. [الشذور/ ٣٦٠، والهمع/ ١/ ١٤٩، والأشموني/ ٢/ ٢٣].
٢٩ - تعلّم رسول الله أنك مدركي ... وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد
هذا البيت من قصيدة لأنس بن زنيم الديلي، يقولها بعد فتح مكة معتذرا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأولها قوله:
أنت الذي تهدى معدّ بأمره ... بل الله يهديهم وقال لك اشهد
وما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد
وهي في السيرة لابن هشام.
وتعلّم: فعل أمر بمعنى اعلم. ورسول الله: منادى. والشاهد: تعلم أنك مدركي، حيث استعمل «تعلّم» بمعنى اعلم، ونصب به مفعولين بواسطة أنّ المؤكدة المصدرية.
وهذا هو الأكثر في تعدّي هذا الفعل. فالمصدر المؤول (أنك مدركي) سدّ مسدّ المفعولين. [الشذور/ ٣٦٢، وشرح المغني/ ٧/ ٢٥٨].