درهما فضلا عن دينار». ومعناه: أنه لا يملك درهما ولا دينارا، وأن عدم ملكه للدينار أولى من عدم ملكه للدرهم. وكأنه قال: لا يملك درهما، فكيف يملك دينارا؟
ولا تستعمل فضلا هذه إلا في النفي، وهو مستفاد في البيت من «قلما».
وانتصاب فضلا على وجهين:
أحدهما: أن يكون مصدرا لفعل محذوف، وذلك الفعل، نعت للنكرة.
والثاني: أن يكون حالا من معمول الفعل المذكور، وصح مجيء الحال من النكرة؛ لأنه مسبوق بنفي. وكون
صاحب الحال معرفة، هذا هو الغالب الأعم، ومع ذلك فإن الشواهد على مجيئه من النكرة كثيرة، وبدون مسوغ. ومنه الحديث: «وصلى وراءه رجال قياما»، أو «قوم قياما»، وهو في الموطأ ج ١/ ١٣٥. [رسالة في توجيه النصب في إعراب فضلا لابن هشام ص ١٨].
٦٣ - فلا تحسبي أنّي تخشّعت بعدكم ... لشيء ولا أنّي من الموت أفرق
ولا أنّ نفسي يزدهيها وعيدكم ... ولا أنني بالمشي في القيد أخرق
ولكن عرتني من هواك صبابة ... كما كنت ألقى منك إذ أنا مطلق
هذه أبيات ثلاثة من ستة أبيات، أثبتها أبو تمام في أول كتاب الحماسة، وأول الأبيات:
هواي مع الرّكب اليمانين مصعد ... جنيب وجثماني بمكة موثق
عجبت لمسراها وأنى تخلصت ... إليّ وباب السجن دوني مغلق
أتتنا فحيّت ثم قامت فودّعت ... فلما تولّت كادت النفس تزهق
والأبيات الستة للشاعر جعفر بن علبة الحارثي، من شعراء الدولتين الأموية والعباسية، وكان قد سجن بمكة بسبب دم عليه.
وقوله: هواي: بفتح ياء المتكلم لا غير، وإسكان ما قبلها؛ لأن ما قبلها ألف.
واليمانين: جمع يمان والنسبة إلى يمن، يمني، ولكنه حذف أحد يائي النسب (ياء النسب مشددة) وأتي بالألف عوضا منه، فصارت «يمان»، وعلى هذا لا يصح القول: «يمانيّ» بتشديد الياء؛ لاجتماع المعوّض، والمعوّض. [الحماسة بشرح المرزوقي ج ١/ ٥١، والخزانة ج ١٠/ ٣٠٣].