والأحوص شاعر حجازي مدنيّ، وقصة الأبيات شامية، وزعموا أن القطعة التي منها البيت، تغزّل فيها الشاعر بنصرانية قد ترهبت في دير خراب عند (الماطرون)، وهو بستان بظاهر دمشق، يسمّى أيام البغدادي (الميطور)، وبعد الشاهد مما يفهم به:
أكل النمل ... الخ، يريد: فصل الشتاء، حين يأكل النمل الحبّ الذي يخزنه في الصيف، وأظنه يريد أن يكنى عن شدة البرد، وانقطاع الثمر من الأشجار. وقوله:«خرقة» هذه رواية الكامل، قالوا: معناها ما يجتنى، وهناك رواية أخرى، «خلفة»، وهو ثمر يخرج بعد الثمر الأول، وحقيقته أن الأشجار تزهر وتعقد في أول الربيع، وتنضج ثمارها في الصيف، وبعض الأشجار قد تزهر مرّة أخرى في الصيف، فينضج ما عقد منه في الخريف والشتاء، ونسميه في بلاد فلسطين:«الرّجعي». وقوله: ارتبعت: دخلت في الربيع.
وجلّق: اختلفوا في موقعه، فزعم قوم أنه اسم دمشق؛ ولذلك قال شوقي رحمه الله:
قم ناج جلّق وانشد رسم من بانوا ... مشت على الرسم .. البيت
والأقوى أن تكون «جلّق» في الجولان، أو حوران، حيث كان الغساسنة؛ ولذلك قال حسان:
لله درّ عصابة نادمتهم ... يوما بجلّق في الزمان الأول
قال أبو أحمد: وإذ صحت نسبة الشعر إلى يزيد بن معاوية، أو كان أحد وضعه، ونسبه إليه، فإن «الماطرون» قد تكون وادي اللطرون في فلسطين، لأن يزيد بن معاوية كان في صباه يمرح في كنف أخواله، الذين كانوا يسكنون فلسطين والأردن والجولان.
والشاهد:«الماطرون»، على أنها جاءت مجرورة، وقاسوا عليها جعل النون المفتوحة بعد الواو والياء في الجمع، حرف إعراب، وهذا لا يسلم لهم؛ لأن «الماطرون» اسم أعجمي، وهو بمنزلة «زيتون»، وفلسطين، فهي أسماء مفردة، وليست جمعا. [الخزانة ج ٧/ ٣٠٩، وديوان أبي دهبل ٨٥، والعيني ج ١/ ١٤٨، ومعجم البلدان «الماطرون»].
١٩٥ - بحيّ نميريّ عليه مهابة ... جميع إذا كان اللئام جنادعا