ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... لقد زادني مسراك وجدا على وجد
.. وقوله: بكلّ تداوينا: أي: بالقرب والبعد من دار الحبيب .. وقوله: يشفى يجوز أن يكون مبنيا للمعلوم، ويجوز بناؤه للمجهول.
والشاهد في البيتين على أن «على» هنا، للاستدراك والإضراب .. فهي في البيت الأول، إضراب عن قوله «لم يشف» فجعل قرب الدار فيه بعض الشفاء وفي البيت الثاني، استدراك لعموم معنى البيت الأول، ويريد أنه لا يكون قرب الدار خيرا إلا مع الودّ .. أما تعلق على ومجرورها ففيه ثلاثة أقوال: الأول: أن تتعلق بالفعل المتقدم قبلها، كما تعلّقت (حاشا) الاستثنائية بما قبلها، لكونها أوصلت معنى ما قبلها إلى ما بعدها على وجه الإضراب والإخراج، الثاني: أنها مع مجرورها في موضع خبر لمبتدأ محذوف، كأنه قيل: والتحقيق على أن الأمر، والوجه الثالث: في موضع نصب على الحال. [الأشموني/ ٢/ ٢٢٣، والحماسة/ ١٢٩٩، وشرح أبيات مغني اللبيب/ ٣/ ٢٥٩].
١٥١ - وإنّ الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد
.. البيت من شعر الأشهب بن رميلة، شاعر مخضرم ... وقوله «حانت» .. من «الحين» بفتح الحاء، وهو الهلاك، وأراد بحين دمائهم، كونها هدرا لم تؤخذ دياتهم، ولا أخذ بثأرهم. و «فلج» اسم مكان، في طريق البصرة إلى مكة، وكانت فيه منازل للحاج، وقوله: يا أمّ خالد: هو من عادة العرب، خطاب النساء بهذا، لحثهنّ على البكاء. كما يقولون: يا ابنة القوم.
والشاهد فيه: أنّ «كلّ» في الشطر الثاني، نعت لمعرفة، دلت على كماله .. إذا أضيفت إلى اسم ظاهر يماثل الموصوف، وهو «القوم». وفيه شاهد آخر عند سيبويه في «الذي» قال أصلها «الذين» فحذفت منه النون تخفيفا. [سيبويه/ ١/ ٩٦، والمفصل/ ٣/ ١٥٤، والهمع/ ١/ ٢٤٩، والخزانة/ ٦/ ٢٥].
١٥٢ - إذا قلّ مال المرء لانت قناته ... وهان على الأدنى فكيف الأباعد
البيت مجهول القائل، ولا يعرف له سابق أو لاحق، وهو مرويّ بكسر القافية للاستدلال به على أن «كيف» حرف عطف: - ولا يصح الاستشهاد به، لأنه مجهول، ولأن القافية يحتمل أن تكون مرفوعة: مبتدأ، وكيف: خبر مقدم. [الهمع/ ٢/ ١٣٨،