سور المدينة النبوية، فقد وهموا وهما فاضحا؛ لأنه يدل على جهلهم بالتاريخ، فقد كانت معركة الجمل، ومقتل الزبير سنة ٣٦ هـ، ولم يكن يومها للمدينة النبويّة سور يحيط بها، كما كان للمدن القديمة، مثل دمشق، والقدس، وتوفي جرير ولم يبن للمدينة النبوية سور، ولعلّ أول سور بني حول المدينة كان في القرن الثالث الهجري، والصحيح ما ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى، أن (السّور) في بيت جرير: جمع «سورة»، وهي كل ما علا، وهي كل منزلة من البناء، فكأن مراد جرير، أن بيوت المدينة وقعت على الأرض عند ما وصل خبر مقتل الزبير، ولا عجب إذا وقعت بيوت المدينة، فإنه أمر تخشع له الجبال الشامخة. [كتاب سيبويه ج ١/ ٢٥، واللسان «سور» والخزانة ج ٤/ ٢١٨، وديوان جرير/ ٩١٣]. من قصيدة مطلعها:
بان الخليط برامتين فودّعوا ... أو كلّما رفعوا لبين تجزع
١٤٨ - توهّمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع
البيت للنابغة الذبياني. والآيات: علامات دالة على الديار. وقوله: لستة: «اللام» بمعنى بعد، أي: بعد ستة أعوام. وتوهمت: تفرست. وهذا البيت من شواهد سيبويه، أنشده على أن العام صفة «ذا»، وسابع خبر اسم الإشارة. [كتاب سيبويه ج ١/ ٢٦٠، والخزانة ج ٢/ ٤٥٣].
١٤٩ - وما المرء إلا كالشّهاب وضوئه ... يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
قاله لبيد بن ربيعة. وقوله: يحور، بمعنى يصير، وماضيه حار، بمعنى صار؛ ولذلك عمل عمل الفعل صار الناقص. [الأشموني ج ١/ ٢٢٩].
١٥٠ - منّا الأناة وبعض القوم يحسبنا ... أنّا بطاء وفي إبطائنا سرع
البيت لوضّاح اليمن، واسمه عبد الرحمن بن إسماعيل، من شعراء الدولة الأموية، هذا وقصته التي ترويها كتب الأدب مع أم البنين زوج الوليد بن عبد الملك، قصة كاذبة، ولا تصحّ روايتها، وصنعها الرواة؛ للتشنيع على الوليد.
والأناة: الرفق والسّرع، بفتح السين والراء، السرعة، وقد تكسر السين. يقول نستأني في الأمور فعل الحازم ذي الرأي السديد، وكثير من الناس يظن بنا تباطؤا في المهمات، والذي يعدونه بطئا، هو سرعة؛ لأننا نترك كل ما نتولاه مفروغا منه محكما، فلا يحتاج إلى إعادة نظر. والبيت في