الخلا، يصفه بضعفه عن مقاومة أعدائه، فهو سهل المأكل إذا لقوه ولكنه إذا لقي أهله وعشيرته تنمّر وصار
كالكلب النابح.
والشاهد فيه: رفع «وكلب» حيث حملت على الابتداء، والتقدير وهو كلب. [سيبويه/ ١/ ٢٥١].
٥٧ - وعلمي بأسدام المياه فلم تزل ... قلائص تخدي في طريق طلائح
وأني إذا ملّت ركابي مناخها ... فإني على حظّي من الأمر جامح
البيتان للشاعر ابن مقبل (تميم)، وأسدام: جمع سدم بالتحريك: وهو الماء المتغير لقلة الورّاد. أراد أنه عالم بمياه الفلوات حسن الدلالة بها. وتخدي: تسرع، والطلائح:
المعيية لطول السفر، جمع طليح، وصف للبعير والناقة.
وفي البيت الثاني: يريد: إذا ملّت الإبل الإناخة والارتحال، يعني توالي الأسفار، والجامح: الماضي على وجهه، أي: لا يكسرني طول السفر ولكنني أمضي قدما لما أرجو من الحظ من أمري.
والشاهد في البيت الثاني: كسر (إنّ) الثانية على الاستئناف، ولو فتحت حملا على (أنّ) الأولى تأكيدا أو تكريرا، لجاز. [سيبويه/ ١/ ٤٦٧].
[٥٨ - فإن تمس في قبر برهوة ثاويا ... أنيسك أصداء القبور تصيح]
البيت لأبي ذؤيب الهذلي، يرثي رجلا. وثاويا: مقيما، والأصداء: جمع صدى، وهو طائر يقال له الهامة، تزعم الأعراب أنه يخرج من رأس القتيل إذا لم يدرك بثأره فيصيح:
اسقوني، اسقوني، حتى يثأر به. وهذا مثل، وإنما يراد به تحريض وليّ المقتول على طلب دمه، فجعله جهلة الأعراب حقيقة.
والشاهد في البيت: جعله الأصداء، أنيس المرثيّ، اتساعا ومجازا، لأنها تقوم في استقرارها بالمكان وعمارتها له مقام الأناسي، وهو تقوية لمذهب بني تميم في إبدال ما لا يعقل ممن يعقل، فيجعلون «ما في الدار أحد إلا حمار» بمنزلة «ما في الدار أحد إلا فلان» والنصب في مثل هذا أجود، لأنه استثناء منقطع، وهو لغة الحجازيين.
[الخزانة/ ٣/ ٣١٥، وسيبويه/ ١/ ٣٦٤].