أما رواية ابن هشام فهي: (وجعائله). وقائلة: معطوف بالجر على مدخول «ربّ» في بيت سابق.
والشاهد أن جملة «تخشى عليّ» حال من ضمير «قائلة»، وجملة «أظنه سيودي به ...» فقول القول. [شرح أبيات المغني/ ٦/ ٣١٤].
١٧٨ - ويوما شهدناه سليما وعامرا ... قليلا سوى الطّعن النّهال نوافله
من شواهد سيبويه المجهولة، وسليم وعامر: قبيلتان، والنوافل: الغنائم. والطعن:
جمع طعنة. والنهال: الروية بالدم. وقليلا: صفة ليوم. ونوافله: فاعل «قليلا». وسوى:
استثناء منقطع. يقول: واذكر يوما شهدنا فيه هاتين القبيلتين قليلا عطاياه سوى الطعن النهال، على التهكم؛ لأن الطعن ليس من النوافل.
والشاهد: أن الأصل: «شهدنا فيه»، فحذف «في»، فنصب ضمير اليوم بالفعل تشبيها بالمفعول به اتساعا ومجازا. و «شهد» لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، وهنا متعد إلى اثنين؛ لأن الأول فيه معنى الظرف، ومن شأنه تعدي الفعل اللازم إليه، وسليما: هو المفعول الذي يتعدى إليه «شهد». [شرح أبيات المغني/ ٧/ ٨، وسيبويه/ ١/ ٩٠، وشرح المفصل/ ٢/ ٤٥، والهمع/ ١/ ٢٠٣].
١٧٩ - وأبيض فياض يداه غمامة ... على معتفيه ما تغبّ فواضله
بكرت عليه بكرة فوجدته ... قعودا لديه بالصريم عواذله
لزهير بن أبي سلمى، يمدح حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري. وشاهدنا في البيت الثاني، قال ابن هشام: إن الصفة الرافعة للجمع يجوز فيها في الفصيح أن تفرد وأن تكسّر، فقوله: قعودا: رفعت «عواذله». وقوله: بالصريم: جمع صريمة، وهي رملة تنقطع من معظم الرمل. والعواذل: اللائمات، يلمنه على إنفاق ماله. وفسّر بعضهم «الصريم» الصبح؛ لأنه يسكر في العشي، فإذا أصبح وقد صحا من سكره، لمنه ولا يستقيم هذا التفسير؛ لأن الشاعر يمدحه بعد أبيات بقوله:
أخي ثقة لا تتلف الخمر ماله ... ولكنه قد يهلك المال نائله
وإنما يفسره ذاك التفسير، من أخذ البيت مفردا، والشعر لا يعرف إلا في سياقه.
[شرح أبيات المغني/ ٨/ ١٠].