٤٥ - فأمهله حتى إذا أن كأنّه ... معاطي يد ... غارف
من قصيدة للشاعر أوس بن حجر، وقد أنشده صاحب المغني بقافية الراء (غامر)، وهو من قصيدة فائية، وهو يحكي قصة حمار وحشي مع صيّاد. و «إذا» ظرفية فعلها محذوف، و «أن» بعد «إذا»، زائدة، وجواب الشرط في بيت لاحق. وقد مضى الكلام على البيت في حرف الراء. [شرح أبيات المغني ج ١/ ١٦٤، والهمع ج ٢/ ١٨، وديوان أوس].
[٤٦ - تواهق رجلاها يديه ورأسه ... له نشز فوق الحقيبة رادف]
البيت آخر بيت قصيدة لأوس بن حجر. تغزّل في أولها، ثم تحدّث عن ناقته، ويشبهها بحمار وحشي كمن له صياد عند الماء، فأرسل عليه سهما لم يصب مقتلا منه، فهرب الحمار مع أتانه مسرعا. والمواهقة: المسايرة، وهي المباراة. ونشز: أي:
ارتفاع. والحقيبة: كناية عن الكفل.
وقوله: رادف: أي: كما يردف الرجل حقيبته، والصورة الفنيّة التي رسمها تقول: إنّ الحمار يقدّم أتانه بين يديه، ثم يسير خلفها، يعني: أن يديه تعملان كعمل رجلي الأتان، ورأسه فوق عجز الأتان، كالقتب الذي يكون على ظهر البعير.
قلت: وفي تقديم الحمار أتانه، نكته حضارية. فالناس اليوم يقدمون النساء، في الدخول والخروج، ويعدون ذلك مظهرا حضاريا مقتبسا من أوربة، ولكن الحمار سبقهم إلى هذه البدعة، وهؤلاء الذين يقدمون النساء، يتقدمونهم
هربا إذا نزل الخطب، وبهذا كان حمار أوس بن حجر، أغير على أنثاه من أهل المدنية اليوم؛ ذلك أنه لم يشأ أن يهرب وحده من سهام الصيّاد، ولكنه ساق أتانه أمامه اه.
ورواية البيت في شعر أوس: «تواهق رجلاها يديه»، بنصب «يديه» مفعول به ل «تواهق». والمعنى يوجب أن تكون اليدان مضافة إلى ضمير مذكر، وهو ضمير الحمار؛ ذلك أن المواهقة هي المسايرة، وهي المواعدة.
ولكن رواية سيبويه «تواهق رجلاها يداها» برفعهما، على أن اليدين مضافة إلى ضمير المؤنث، وهي ضمير الأتان.
والشاهد: أنه رفع «يداها» بإضمار فعل، ولم يجعلهما مفعولا، فكأنه قال بعد قوله:
«تواهق رجلاها» تواهقهما يداها، محمول على المعنى؛ لأنه إذا واهقت الرجلان اليدين،