٥٠٦ - حلفت بمائرات حول عوض ... وأنصاب تركن لدى السّعير
أجوب الأرض دهرا إثر عمرو ... ولا يلفى بساحته بعيري
البيتان للشاعر رشيد بن رميض العنزي، شاعر مخضرم، وقوله: بمائرات، أي: بدماء مائرات، ومار الدم: إذا جرى على وجه الأرض، و «عوض» اسم صنم. والأنصاب:
حجارة كانوا يطوفون حولها. وتركن: مبني للمجهول، وسعير: وزن زبير، صنم كان لعنزة، وجواب القسم، أجوب في البيت الثاني، وحذف منه «لا» النافية، أي: لا أجوب، كقوله تعالى: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ [يوسف: ٨٥]
والبيت الأول شاهد على أن «عوض» اسم صنم، معرب. [شرح أبيات المغني/ ٣/ ٣٣٠].
٥٠٧ - جئني بمثل بني بدر لقومهم ... أو مثل أسرة منظور بن سيّار
البيت لجرير، يخاطب الفرزدق مفتخرا عليه بسادات قيس لأنهم من أخواله، وبنو بدر من فزارة، وهم بيت فزارة وعددهم، ومنظور بن زبان بن سيّار: من فزارة أيضا وسوف تعرف المزيد عنه في آخر هذا الشرح، وأسرة الرجل: رهطه الأدنون، لأنه يتقوى بهم من الأسر، وهو الشدّ، والشاهد:(مثل) حيث نصب بفعل من معنى جئني فكأنه قال: هات مثل، حملا على معنى «جئني» التي هي بمنزلة «هاتني» ولا يصحّ نصبه بلفظ «جئني» مقدر، وإلا كان مجرورا بتقدير «بمثل». [سيبويه/ ١/ ٩٤، هارون].
قال أبو أحمد: إن جريرا والفرزدق لم ينتفع الناس من شعرهم إلا ما نقلاه من اللغة الصحيحة من عصر الاستشهاد، أما مضمون شعرهما فلا يطرب له الإنسان إلا ما ندر، فليس في شعرهما من المعاني إلا الفخر الكاذب، والهجاء المذموم، والمدح الملصق بمن لا يستحقّه، ومثال الفخر «الفخّاري» ما في هذا البيت، فجرير يفخر بمن لا يمتّ إليه بصلة، إلا في الجدّ المئوي، ولو كان الفخر كما في فخر جرير لجاز لكل الناس أن يفخروا بكل الناس، لأن الناس جميعا يلتقون في جذور بعيدة، ومنظور بن سيّار الذي يفخر به جرير، لا يستحق أن يفخر به، لأن المذكور، تزوج امرأة أبيه في الإسلام بعد أن حرّم القرآن هذا الزواج، وقد أرسل إليه رسول الله من يقتله، فلم يظفر به، وبحث عنه أبو بكر فلم يقع عليه، إلى أن جاء زمن عمر، فاستقدمه وفرّق بينهما، ومع ذلك بقي قلبه معلقا بها وقال في ذلك: