يروون من أسباب قول الشعر، أن الخنساء (تماضر بنت عمرو) طلت بعيرا لها، ثم تجردت واغتسلت، وكان دريد ينظر إليها، وهي لا تراه، فأعجبته فهويها، فقال أبياتا أولها:
حيّوا تماضر واربعوا صحبي ... وقفوا فإن وقوفكم حسبي
ما إن رأيت ... البيت.
مبتذلا تبدو محاسنه ... يضع الهناء مواضع النقب
.. ولو قالوا: إنه أحبها لرؤيته لها وهي تهنأ البعير، لكان أوقع في النفس، ولكن أبا الفرج الأصبهاني، والقالي، صاحب الأمالي، اللذان رويا القصة، كانا يثيران غرائز فئة أماتت الإماء بقية الرجولة في نفوسهم، ونقلها البغدادي في شرح أبيات المغني، ليروّح عن طلاب النحو الذين أكدت عقولهم مسائل النحويين وخلافاتهم.
والشاهد في البيت «ما، إن» قالوا: إن «ما» نافية، و «إن» زائدة لتوكيد النفي. [شرح المفصّل/ ٥/ ٨٢، وشرح أبيات المغني/ ٨/ ٥١].